اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات الجزء : 1 صفحة : 173
إذا جاز حذف الألف والهمزة لكثرة الاستعمال فلأن يجوز حذف الهمزة كان ذلك من طرق الأولى.
وقالوا: ولا يجوز أن يقال "إنه لو كان أصلها لا أنْ؛ لما جاز أن يقال: أما زيدًا فلن أضرب؛ لأن ما بعد أنْ لا يجوز أن يعمل فيما قبلها"؛ لأنا نقول: إنما جاز ذلك لأن الحروف إذا ركبت تغير حكمها بعد التركيب عما كان عليه قبل التركيب، ألا ترى أن "هل" لا يجوز أن يعمل ما بعدها فيما قبلها، وإذا ركبت مع "لا" ودخَلَها معنى التحضيص تغير ذلك الحكم عما كان عليه قبل التركيب؛ فجاز أن يعمل ما بعدها فيما قبلها، فيقال "زيدًا هلَّا ضربت"؟ فكذلك ههنا.
والذي يدل على أن أصلها إنَّ على ما بيَّنَّا أنه يجوز العطف على موضعها كما يجوز العطف على موضع إنَّ؛ فدلّ على أن الأصل فيها إنَّ زيدت عليها لا والكاف؛ فكما يجوز دخول اللام في خبر إنَّ؛ فكذلك يجوز دخولها في خبر لكن.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إنه لا يجوز ذلك لأنه لا يخلو إما أن تكون هذه اللام لام التأكيد أو لام القسم، على اختلاف المذهبين، وعلى كلا المذهبين فلا يستقيم دخول اللام في خبر لكن، وذلك لأنها إن كانت لام التأكيد فلام التأكيد إنما حسنت مع إنَّ لاتفاقهما في المعنى؛ لأن كل واحدة منهما للتأكيد وأما لكنَّ فمخالفة لها في المعنى، وإن كانت لام القسم فإنما حسنت مع إنَّ لأن إنَّ تقع في جواب القسم، كما أن اللام تقع في جواب القسم، وأما لكن فمخالفة لها في ذلك؛ لأنها لا تقع في جواب القسم؛ فينبغي أن لا تدخل اللام في خبرها.
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما قوله:
[129]
ولكنني من حبها لكميد
فهو شاذ لا يؤخذ به لقلّته وشذوذه، ولهذا لا يكاد يعرف له نظير في كلام العرب[1] وأشعارهم، ولو كان قياسًا مطردًا لكان ينبغي أن يكثر في كلامهم وأشعارهم، كما جاء في خبر إنَّ، وفي عدم ذلك دليل على أنه شاذ لا يقاس عليه.
وأما قولهم "إن الأصل في لكنَّ إنَّ زيدت عليها لا والكاف فصارتا حرفًا واحدًا" قلنا: لا نسلم؛ فإن هذا مجرد دعوى من غير دليل ولا معنى.
قولهم "كما زيدت اللام والهاء في قوله:
[130]
لَهِنَّكِ من عبسية لَوَسِيمَهٌ [1] بل لا يعرف أوله ولا قائله.
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات الجزء : 1 صفحة : 173