responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 172
وقال بعض العرب في كلامه -وقد قيل له: منذ كم قَعَدَ فلانٌ؟ - فقال: "كمنذ أَخَذْتَ في حديثك" فزاد الكاف في "منذ"؛ فدل على أن الكاف في كم زائدة، وقيل لبعضهم: كيف تصنعون الأَقِطَ؟ فقال: كَهَيَّنٍ، أي: يسير سَهْل، فيزيدون الكاف، فكذلك ههنا: زيدت لا والكاف على إنَّ وحذفت الهمزة لكثرة الاستعمال فصارت حرفًا واحدًا، كما قالوا "لن" وأصلها لا أن، فحذفوا الألف والهمزة لكثرة الاستعمال، فصارتا حرفًا واحدًا، فكذلك ههنا، وبل أولى، فإنه

= يتصرف فيها بحذف ولا غيره، إلا أنهم رأوا "ما" تكون موصولة أحيانًا واستفهامية أحيانًا أخرى، وأن إحداهما قد تلتبس بالأخرى؛ فلا يتبين للسامع إن كانت "ما" موصولة فيكون الكلام خبرًا، أو استفهامية فيكون الكلام إنشاء، ورأوا أن أكثر ما يكون الالتباس في موضع الجر، فأرادوا أن يفرقوا بين الحالين، فحذفوا ألف "ما" الاستفهامية في موضع الجر نحو قوله تعالى: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} [النازعات: 43] وقوله جلت كلمته: {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} [النمل: 35] وقوله تباركت أسماؤه: {لِمَ تُؤْذُونَنِي} [الصف: 5] وقوله: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2] وأبقوا ألف" ما" الموصولة، نحو قوله سبحانه: {لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 14] وقوله: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيدَي} [صّ: من الآية75] وقوله: {يؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيكَ} [البقرة: 4] وهل حذف ألف "ما" الاستفهامية حينئذ واجب أو غالب؟ وهل هو عام في كل موضع وقعت فيه مجرورة أو خاص بما إذا كان الجار حرفًا من حروف الجر، فإن كان الجار اسمًا متمكنًا -نحو "مجيء م جئت"- اختلف الحكم؟ ظاهر عبارة الرضي أن حذف ألف ما الاستفهامية المجرورة غالب لا لازم، وهو ما صرح به الزمخشري في موضع في تفسيره، وعبارة ابن هشام في المغني صريحة في أن حذف هذه الألف واجب؛ وذكرها شاذ، وصرح بمثل هذا جار الله الزمخشري في موضع آخر من تفسيره، وذكر اللبلي في شرح أدب الكاتب أن الخوف خاص بما إذا كان الجار حرفًا، وذكر ابن قتيبة أن الحذف خاص بما إذا ذكر مع ما لفظ شئت -نحو سل عم شئت- والمعوّل عليه من هذا الكلام أن حذف الألف من "ما" الاستفهامية أكثر من ذكرها متى كانت مجرورة المحل، سواء أكان الجار حرفًا أم اسمًا، وقد ورد ذكرها في جملة من الأبيات، منها قول حسان بن ثابت الأنصاري:
على ما قام بشتمني لئيم ... كخنزير تمرغ في رماد؟
ومن ذلك قول كعب بن مالك الأنصاري:
إما قتلنا بقتلانا سراتكم ... أهل اللواء ففيما يكثر القيل؟
وقرئ به في قوله تعالى: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} وأما إسكان الميم فهو حذف لفتحتها، إجراء للوصل مجرى الوقف، ونظيره قول ابن مقبل:
أأخطل لم ذكرت نساء قيس ... فما روعن عنك ولا سبينا
وقد ذهب الفراء إلى أن "كم" مركبة من الكاف الجارة و "ما" الاستفهامية، وقد حذفت ألف "ما" لدخول الجار عليها، وسكن آخرها إجراء للوصل مجرى الوقف كما فعل ابن مقبل في قوله "لم ذكرت" وكما فعل صاحب البيت المستشهد به في قوله "لم أسلمتني".
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 172
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست