responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكليات المؤلف : الكفوي، أبو البقاء    الجزء : 1  صفحة : 953
بِقَرِينَة {فاستحبوا الْعَمى على الْهدى} لَيْسَ بِشَيْء] .
وَقد أجَاب الْفَخر الرَّازِيّ بِأَن الْهِدَايَة لَا تقَابل إِلَّا الضلال الَّذِي هُوَ ترك الدّلَالَة على مَا يُوصل إِلَى الْمَطْلُوب، وَاسْتِعْمَال الْمهْدي فِي مقَام الْمَدْح مَبْنِيّ على أَن الْهِدَايَة إِذا لم يَتَرَتَّب عَلَيْهَا فائدتها كَانَت كَأَن لم تكن، فَلم يسْتَعْمل فِي مقَام الْمَدْح إِلَّا مَا ترَتّب عَلَيْهَا فائدتها. وَهَذَا من بَاب تَنْزِيل الشَّيْء العديم النَّفْع منزلَة الْمَعْدُوم، والمطاوع قد يُخَالف معنى الأَصْل كَمَا فِي (أَمرته فَلم يأتمر) .
ثمَّ إِن الْهَدِيَّة لَا نزاع فِي أَنَّهَا تسْتَعْمل فِي كلا الْمَعْنيين: مَعْنَاهَا اللّغَوِيّ وَهُوَ مَذْهَب الأشاعرة، وَمَعْنَاهَا الشَّرْعِيّ وَهُوَ مَذْهَب الْمُعْتَزلَة، وَعَلِيهِ أَكثر استعمالات الشَّرْع، لَكِن الْكَلَام فِي أَنَّهَا حَقِيقَة فيهمَا أَو فِي أَحدهمَا أَو فِي أَيهمَا.
وتتضمن الْهِدَايَة مَعَاني بَعْضهَا يَقْتَضِي التَّعْدِيَة بِنَفسِهِ، وَبَعضهَا بِاللَّامِ، وَبَعضهَا بإلى، وَذَلِكَ بِحَسب اشتمالها على إِرَادَة الطَّرِيق وَالْإِشَارَة إِلَيْهَا وتلويح السالك لَهَا. فبملاحظة الْإِرَادَة يتَعَدَّى بِنَفسِهِ، وبملاحظة الْإِشَارَة يتَعَدَّى بإلى، وبملاحظة التَّلْوِيح يتَعَدَّى بِاللَّامِ. وَفِي حذف أَدَاة التَّعْدِيَة إِخْرَاج لَهُ مخرج الْمُتَعَدِّي إِلَى المفعولين بِالذَّاتِ.
فِي " الأساس ": يُقَال: هداه للسبيل وَإِلَى
السَّبِيل والسبيل هِدَايَة وَهدى، وَظَاهره عدم الْفرق بَين الْمُتَعَدِّي بِنَفسِهِ وبحرف، وَالْفرق ظَاهر فَإِن (هداه لكذا أَو إِلَى كَذَا) إِنَّمَا يُقَال إِذا لم يكن فِي ذَلِك فيصل بالهداية إِلَيْهِ. و (هداه كَذَا) إِنَّمَا يُقَال لمن يكون فِيهِ فَيَزْدَاد وَيثبت، وَلمن لَا يكون فِيهِ فيصل، وَمَا قيل: إِن الْمُتَعَدِّي بِغَيْر وَاسِطَة مَعْنَاهُ إذهابٌ إِلَى الْمَقْصُود وإيصال إِلَيْهِ فَلَا يسند إِلَّا إِلَى الله تَعَالَى كَقَوْلِه تَعَالَى: {لنهدينهم سبلنا} .
ومنعى اللَّازِم إراءة الطَّرِيق فيسند إِلَى غَيره تَعَالَى كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَإنَّك لتهدي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} ، {إِن هَذَا الْقُرْآن يهدي للَّتِي هِيَ أقوم} كل ذَلِك منقوض بقوله تَعَالَى: {فاتبعني أهدك صراطا سويا} وَقَوله: {يَا قوم اتبعون أهدكم سَبِيل الرشاد} وَنَحْوهمَا.
[وَفِي ابْن الْهمام: (هدَاه إِلَى الطَّرِيق) إِذا أعلمهُ أَن الطَّرِيق فِي نَاحيَة كَذَا. و (هداه للطريق) إِذا ذهب بِهِ إِلَى رَأس الطَّرِيق. و (هداه الطَّرِيق) إِذا أدخلهُ فِيهِ وَسَار مَعَه حَتَّى بلغا الْمَقْصد] .
ثمَّ إِن فعل الْهِدَايَة مَتى عدّي بإلى تضمن الإيصال إِلَى الْغَايَة الْمَطْلُوبَة فَأتي بِحرف الْغَايَة، وَمَتى عُدِّي بِاللَّامِ تضمن التَّخْصِيص بالشَّيْء الْمَطْلُوب فَأتي بِاللَّامِ الدَّاخِلَة على الِاخْتِصَاص والتعين، وَإِذا تعدى بِنَفسِهِ تضمن الْمَعْنى الْجَامِع لذَلِك كُله

اسم الکتاب : الكليات المؤلف : الكفوي، أبو البقاء    الجزء : 1  صفحة : 953
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست