responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكليات المؤلف : الكفوي، أبو البقاء    الجزء : 1  صفحة : 721
وأختلف أَيْضا فِي أَن الْقُرْآن الْحَقِيقِيّ مَاذَا هُوَ؟ فَنحْن نقُول: إِنَّه الْمَعْنى الْقَائِم بِالنَّفسِ والخصم يَقُول: إِنَّه حُرُوف وأصوات أوجدها الله، وَعند وجودهَا انعدمت وَانْقَضَت، وَأَن مَا أَتَى بِهِ الرَّسُول وَمَا نتلوه نَحن لَيْسَ هُوَ ذَاك، وَإِنَّمَا هُوَ مِثَاله على نَحْو قراءتنا لشعر المتنبي وامرىء الْقَيْس، فَإِن مَا يجْرِي على ألسنتنا لَيْسَ هوكلام امرىء الْقَيْس وَإِنَّمَا هُوَ مثله، وَإِنَّمَا نَشأ هَذَا الْخبط من جِهَة اشْتِرَاك لفظ الْقُرْآن، فَإِنَّهُ قد يُطلق على المقروء، وَقد يُطلق على الْقِرَاءَة الَّتِي هِيَ حُرُوف وأصوات
وَالْعرب قد تطلق اسْم الْكَلَام على الْمَعْنى تَارَة، وعَلى الْعبارَة أُخْرَى يَقُولُونَ: هَذَا كَلَام، حسن صَحِيح إِذا كَانَ مُسْتَقِيمًا وَإِن كَانَت الْعبارَة ركيكة، أَو ملحونة، أَو مخبطة وَيَقُولُونَ أَيْضا عِنْد كَون الْعبارَة معربة صَحِيحَة: هَذَا كَلَام حسن صَحِيح وَإِن كَانَ الْمَعْنى فِي نَفسه فَاسِدا لَا حَاصِل لَهُ
وَالْأمة من السّلف مجمعة على أَن الْقُرْآن كَلَام الله تَعَالَى، وَهُوَ مُنْتَظم من الْحُرُوف والأصوات، ومؤلف ومجموع من سور وآيات، مقروء بألسنتنا، مَحْفُوظ فِي صدورنا، مسطور فِي مَصَاحِفنَا، ملموس بِأَيْدِينَا، مسموع بآذاننا، مَنْظُور بأعيننا، وَلذَلِك وَجب احترام الْمُصحف وتبجيله حَتَّى لَا يجوز للمحدث مَسّه وَلَا القربان إِلَيْهِ، وَلَا يجوز للْجنب تِلَاوَته، فَلَمَّا وَقع الِاشْتِرَاك فِي الِاسْم لم يَقع التوارد بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَات على مَحل وَاحِد، فَإِن مَا أثبتوه معْجزَة لَا يثبت لَهُ الْقدَم، وَمَا أثبتنا لَهُ الْقدَم لَا يثبتونه معْجزَة، وَلَا يُنكر أَن الْقُرْآن الْقَدِيم مَكْتُوب ومحفوظ ومسموع ومتلو بِمَعْنى أَنه قد حصل فِيهَا مَا هُوَ دَال عَلَيْهِ، وَهُوَ مَفْهُوم مِنْهُ وَمَعْلُوم فالقديم غير الْمَخْلُوق هُوَ الصّفة البسيطة الْقَائِمَة بِذَاتِهِ تَعَالَى الَّتِي هِيَ مبدأ للألفاظ، وَالتَّابِع الْمُتَأَخر وَهُوَ الْحِكَايَة لَيْسَ إِلَّا لفظ الْحِكَايَة، وَهُوَ حَادث ومخلوق [فَإِن قلت: الْقُرْآن إِذا كَانَ قَدِيما فَكيف يَصح كَونه معْجزَة للرسول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، إِذْ الْمُقَارنَة للتحدي من شَرَائِط المعجزة، قلت: كفى فِي ذَلِك ظُهُور المعجزة مُقَارنًا لِلْقُرْآنِ على مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: {هُوَ الَّذِي أنزل عَلَيْك الْكتاب}
وَاعْلَم أَن الْقُرْآن وَاحِد شخصي قديم قَائِم بِذَات الله تَعَالَى، لَا تعدد فِيهِ أصلا وَإِنَّمَا التَّعَدُّد فِي الْقرَاءَات الْمُتَعَلّقَة بِهِ، وَالْجُمْهُور على أَن الْقُرْآن لفظ مُشْتَرك بَين الْمَعْنى النَّفْسِيّ الْقَائِم بِذَاتِهِ تَعَالَى وَهُوَ وَاحِد شخصي وَبَين الْأَلْفَاظ الْمَخْصُوصَة الْمرتبَة ترتيبا مَخْصُوصًا ثمَّ اخْتلفُوا فَقيل: هُوَ اسْم لهَذَا المقروء الْمَخْصُوص الْقَائِم بِأول لِسَان اخترعه الله فِيهِ وَالأَصَح أَنه اسْم لَهُ لَا من حَيْثُ تعْيين الْمحل فَيكون وَاحِدًا بالنوع وَيكون مَا يَقْرَؤُهُ الْقَارئ نَفسه لَا مثله]
وَقد نسب القَوْل فِي قَوْله تَعَالَى، {إِنَّه لقَوْل رَسُول كريم وَمَا هُوَ بقول شَاعِر} إِلَى الرَّسُول فَإِن القَوْل الصَّادِر إِلَيْك عَن الرَّسُول يبلغهُ إِلَيْك غير

اسم الکتاب : الكليات المؤلف : الكفوي، أبو البقاء    الجزء : 1  صفحة : 721
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست