اسم الکتاب : الزاهر في معاني كلمات الناس المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 17
يغضوا أبصارهم، واحتجوا بقوله عز وجل: {وَعَدَ الله الذينَ آمنوا وعملوا (110} الصالحاتِ منهم مَغْفِرةً وأَجْراً عظيماً) [10] ، قالوا: فمن ليست في هذا الموضع مُبعضة إنما المعنى: وعدهم الله كلهم مغفرة وأجراً عظيماً، فدخلت (من) للتوكيد. وكذلك قوله: {ولتكنْ منكم أمةٌ يدعونَ إلى الخير} [11] ، فلم يؤمر بهذا بعضهم دون بعض، إنما المعنى: ولتكونوا كلكم أمة يدعون إلى الخير. ومن ذلك قول الشاعر [12] :
(أخو رغائبَ يُعطيها ويسألُها ... يأبى الظلامَة منه النَوْفَلُ الزُّفَرُ)
النوفل: الكثير الإعطاء للنوافل. والزفر: الذي يحمل الأثقال والأمور التي يعجز عنها غيره. و (من) مؤكدة للكلام. وقال أصحاب المعاني: المعنى [13] يأبى الظلامة، لأنه نوفل زفر. قال ذو الرمة [14] :
(إذا ما امرؤ حاولنَ أنْ يقتتلْنَهُ ... بلا إحْنَةٍ بينَ النفوسِ ولا ذَحْلِ)
(تبسَّمنَ عن نَوْرِ الأقاحيِّ في الثرى ... وفَتَّرْنَ من أبصارِ مضروجةٍ نُجْلِ)
أراد: وفترن أبصاراً مضروجةً، فأكَّد الكلام بمن.
قال أبو بكر: قال الفراء [15] : معنى قوله عز وجل: {يغفر لكم من ذنوبكم} [16] : يغفر لكم من أذنابكم وعن أذنابكم [17] ، أي: يغفر لكم من أجل وقوع الذنوب منكم؛ كما تقول / في الكلام: قد اشتكيت من دواء شربته؛ (8 / ب / 111) فالمعنى: قد اشتكيت من أجل الدواء الذي شربته. [10] الفتح 29. [11] آل عمران 104. [12] أعشى باهلة، الصبح المنير 267. والزفر: السيد. وينظر الأضداد: 252. [13] ساقطة من ك. [14] ديوانه 144 - 145. وينظر الأضداد 253. والاحنة العداوة. والذحل الطلب بالدم، وهو هنا الأمر الذي أساءت به والنور الزهر. ومضروجة: واسعة شق العين. ونجل: واسعات العيون. وذو الرمة هو غيلان ابن عقبة صاحب مية، ت 117 هـ. (الشعر والشعراء 524، اللآلي 81، الخزانة 1 / 50) . [15] معاني القرآن 3 / 187. [16] نوح 4. [17] كذا في المعاني، ولا يعرف جمع ذنب بمعنى اثم على أذناب.
اسم الکتاب : الزاهر في معاني كلمات الناس المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 17