اسم الکتاب : فقه اللغة وسر العربية المؤلف : الثعالبي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 236
الغَيمُ وقشَعَتْهُ الريح وأنزفت البئر: ذهب ماؤها ونزفناها نحن. وأنسل ريش الطائر ونَسَلتُهُ أنا. وأكبَّ فلان على وجهه وكببته أنا. وفي القرآن: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى} [1]؟. وقال عزَّ اسمه: {فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} [2].
الفصل التاسع والثلاثون: مجمل في الحذف والاختصار.
من سنن العرب: أن تحذف الألف من "ما" إذا استَفْهَمَتْ بها فتقول: بِمَ؟ ولِمَ؟ ومِمَّ؟ وعلامَ؟ وفيمَ؟ قال تعالى: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} [3]؟ وكما قال عزّ وجلّ: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ*عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ} [4]: أي عن ما؟ فأدغم النون في الميم. ومن الحذف للاختصار قول الله تعالى: {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [5] أي السر وأخفى منه فحذف وقوله: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ} [6] أي أمرة واحدة أو مرَّة واحدة. ومن الحذف قوله: لم أُبَلْ. ولم أُبالِ. وقولهم: لم أكُ ولم أكُنْ. وفي كتاب الله عز وجل: {وَلَمْ تَكُ شَيْئاً} [7]. ومن ذلك ما تقدَّم ذكره من قوله جل جلاله: {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ} [8] وقوله: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [9] وقوله: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [10] فحذف النَّفس والشمس والأرض إيجازا واقتصارا. ومن ذلك حذف حرف النداء كقولهم: زيدُ تعال. وعمرو اذهب أي يا زيد ويا عمرو. وفي القرآن: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [11] أي يا يوسف. ومن ذلك حذف أواخر الأسماء المفردة المعرفة في النداء دون غيره كقولهم: يا حارُِ يا مالُِ ويا صاحُِ أي يا حارث ويا مالك ويا صاحبي ويقال لهذا الحذف: الترخيم وفي بعض القراآت الشاذّة: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} [الزخرف: 77] [12] وقال امرؤ القيس: [من الطويل] [1] سورة الملك الآية: 22. [2] سورة النمل الآية: 90. [3] سورة النازعات: الآية 43. [4] سورة النبأ: الآية 1، 2. [5] سورة طه الآية: 7. [6] سورة القمر الآية: 50. [7] سورة مريم الآية: 9. [8] سورة القيامة: الآية 26. [9] سورة صّ الآية: 32. [10] سورة الرحمن: الآية 26. [11] سورة يوسف الآية: 29. [12] وتمام الآية {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} [الزخرف: 77]
اسم الکتاب : فقه اللغة وسر العربية المؤلف : الثعالبي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 236