اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 90
ولكن الميم والراء لما كانتا ساكنتين، والهمزتان بعدهما مفتوحتان، صارت الفتحتان اللتان في الهمزتين كأنهما في الراء والميم، وصارت الراء والميم كأنهما مفتوحتان، وصارت الهمزتان لما قدرت حركتاهما في غيرهما، كأنهما ساكنتان، فصار التقدير فيهما: مرأة وكمأة، ثم خففتا، فأبدلت الهمزتان ألفين لسكونهما وانفتاح ما قبلهما، فقالوا: مراة وكماة، كما قالوا في فأس ورأس لما خففتا: فاس، وراس.
وعلى هذا حمل أبو علي قول عبد يغوث[1].
وتضحك مني شيخة عبشمية ... كأن لم ترا قبلي أسيرا يمانيا2
قال: جاء به على أن تقديره محققا: "كأن لم ترأ"، ثم إن الراء لما جاورت وهي ساكنة، الهمزة متحركة، صارت الحركة كأنها في التقدير قبل الهمزة، واللفظ بها كأن لم ترأ، ثم أبدل الهمزة ألفا، لسكونها وانفتاح ما قبلها، فصارت ترا، فالألف على هذا التقدير بدل من الهمزة التي هي عين الفعل، واللام محذوفة للجزم، على مذهب التحقيق وقول من قال: رأى يرأى، قال سراقة البارقي:
أري عيني ما لم ترأياه ... كلانا عالم بالترهات3 [1] عبد يغوث: شاعر يمني أسره أعداؤه فأرادوا قتله فطلب منهم أن يكرموه قبل موته فأطعموه، حتى ثمل ثم قطعوا وريده فمات.
2 عبشمية: نسبة إلى عبد شمس.
يقول: ضحكت مني عجوز من بني عبد شمس وكأنها لم ترا أسيرا قبلي.
والشاهد في قوله: "ترا" فأصلها كما يرى المؤلف" ترأ" فالراء ساكنة وجاورت الهمزة المتحركة فتحركت الراء بالفتح فقلبت لذلك الهمزة ألفا لسكونها وانفتاح ما قبلها.
إعراب الشاهد:
"ترا": فعل مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف حرف العلة.
3 الترهات: الأباطيل والواحد ترهة، مادة "ت ر هـ" اللسان "1/ 431".
والبيت من قصيدة قالها الشاعر للمختار بن أبي عبيد الثقفي، حينما وقع في أسر أعوانه فزعم له لما أمر بقتله أنه رأى الملائكة على خيل بلق يقاتلون في صفوفه وأنهم الذين أسروه، وهي حيلة تخلص بها من القتل.
والشاهد في قوله: "ترأياه" فقد حقق الشاعر الهمزة في كلامه.
إعراب الشاهد: "ترأياه" فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف حرف العلة.
والهاء: ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به.
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 90