اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 322
فكذلك "إيا" هو الاسم، والكاف بعدها حرف خطاب، أوَلا تراك تقول: إياك وإياكما وإياكم، كما تقول: أنت وأنتما وأنتم.
وأما من قال: إن الكاف والهاء والياء في إياك وإياي هي الأسماء، وأن "إيا" إنما عمدت بها هذه الأسماء لقلتها، فغير مرضي أيضا، وذلك أن إيا في أنه ضمير منفصل، بمنزلة أنا وأنت ونحن، وهو وهي، في أن هذه مضمرات منفصلة، فكما أن أنا وأنت ونحوها مخالف للفظ المرفوع المتصل، نحو التاء في قمت والنون والألف في قمنا، والألف في قاما، والواو في قاموا، بل هي ألفاظ أخر غير ألفاظ الضمير المتصل، وليس شيء منها معمودا به شيء من الضمير المتصل، بل هو قائم بنفسه، فكذلك "إيا" اسم مضمر منفصل، ليس معمودا به غيره، وكما أن التاء في "أنت" وإن كانت بلفظ التاء في: قمت، فليست اسما مثلها، بل الاسم قبلها هو "أن"، وهي بعده للخطاب، وليست "أن" عمادا للتاء، فكذلك "إيا" هي الاسم، وما بعدها يفيد الخطاب تارة، والغيبة تارة، والتكلم أخرى، وهو حرف، كما أن التاء في أنت حرف، وغير معمودة بالهمزة والنون من قبلها، بل ما قبلها هو الاسم، وهي حرف خطاب، فكذلك ما قبل الكاف في إياك اسم، وهي حرف خطاب، فهذا هو محض القياس[1].
وأما قول أبي إسحاق إن "إيا" اسم مظهر خص بالإضافة إلى المضمر، ففاسد أيضا، وليس "إيا" بمظهر كما زعم، والدليل على أن إيا ليس باسم مظهر اقتصارهم به على ضرب[2] واحد من الإعراب، وهو النصب، كما اقتصروا بأنا وأنا ونحوهما على ضرب واحد من الإعراب، وهو الرفع.
فكما أن أنا وأنت وهو ونحن وما أشبه ذلك أسماء مضمرة، فكذلك "إيا" اسم مضمر، لاقتصارهم به على ضرب واحد من الإعراب، وهو النصب، ولم نعلم اسما مظهرا اقتصر به على النصب البتة، إلا ما اقتصر به من الأسماء على الظرفية، وذلك نحو: ذات مرة، وبعيدات بين، وذا صباح، وما جرى مجراهن. [1] محض القياس: أي القياس لا يخالطه شائبة. [2] ضرب: نوع وصنف.
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 322