اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 321
أما قول الخليل إن إيا اسم مضمر مضاف، فظاهر الفساد، وذلك أنه إذا ثبت أنه مضمر، فلا سبيل إلى إضافته على وجه من الوجوه، لأن الغرض في الإضافة إنما هو التعريف والتخصيص، والمضمر على نهاية الاختصاص، فلا حاجة به إلى الإضافة.
فإن قلت: فقد قالوا ربه رجلا، وربها امرأة، فأدخلوا رب على المضمر، وهو عندك على نهاية الاختصاص، فما وجه ذلك؟
فالجواب: أنه إنما جاز دخول رب في هذا الموضوع على المعرفة لمضارعتها[1] النكرة، بأنها أضمرت على غير تقدم ذكر، ومن أجل ذلك احتاجت إلى التفسير بالنكرة المنصوبة، نحو رجلا وامرأة، ولو كان هذا المضمر كسائر المضمرات لما احتاج إلى تفسير، وليس كذلك إياك وإياه وإياي، لأن هذه مختصة معروفة بمنزلة أنا وأنت وهو، فكما أن هذه مضمرات مختصة، فكذلك إيا، هي مضمرة مختصة، فهذا يفسد قول الخليل والمازني جميعا.
فأما ما حكاه سيبويه عنه من قولهم: فإياه وإيا الشواب، فليس سبيله مثله مع قلته أن يعترض على السماع والقياس جميعا، ألا ترى أنه لم يسمع منهم إياك وأيا الباطل ولا حكي عنهم تأكيد الهاء والكاف بعد إيا.
فأما قول الخليل: لو أن قائلا قال: إياك نفسك لم أعنفه، فهذا ليس بتصريح قول ولا محض إجازة، وإنما قاسه على ما سمعه من قولهم، فإياه وإيا الشواب، ولو كان ذلك قويا في نفسه، وسائغا في رأيه، لما قال: لم أعنفه، كما لا يقال في قول من قال: قام زيد، فرفع زيدا بفعله: إنك في هذا عندي غير معنف، وإنما يقال له أصبت ووافقت صحيح كلام العرب الذي لا معدل عنه. أو كلام هذا نحوه.
فأما قول من قال: إن إياك بكماله الاسم، فليس بقوي، وذلك إن إياك في أن فتحة الكاف تفيد الخطاب المذكر، وكسرة الكاف تفيد الخطاب المؤنث، بمنزلة أنت، في أن الاسم هو الهمزة والنون، والتاء المفتوحة تفيد خطاب المذكر، والتاء المكسورة تفيد خطاب المؤنث، فكما أن ما قبل التاء في أنت هو الاسم، والتاء حرف خطاب. [1] مضارعتها: مشابهتها. وضارع الشيء: شابهه.
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 321