اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 261
يأفر إذا وثب، وهذا أيضا معنى يليق بالشدة، لأن الوثوب والنزاء[1] كثيرا ما يصحبان الشدة والبلاء[2]، وإذا كان ذلك كذلك فليس ينبغي أن تحمل واحدة من الهمزة والعين في أفره وعفره على أنها بدل من أختها، وغير منكر أيضا أن تكون الهمزة بدلا من العين، والعين بدلا من الهمزة، إلا أن الاختيار ما قدمته.
وأما قولهم لما نفاه الرشاء[3] من الماء عند الاستقاء نفي ونثي فأصلان أيضا، لأنا نجد لكل واحد منهما أصلا نرده إليه، واشتقاقا نحمله عليه.
أما النفي ففعيل من نفيت، لأن الرشاء ينفيه، ولامه ياء بمنزلة رمي وعصي. وأما النثي ففعيل من نثا الشيء ينثوه إذا أذاعه وفرقه، لأن الرشاء يفرقه وينشره، ولام الفعل واو، لأنها لام نثوت، وهو بمنزلة سري وقصي. وقد يجوز أن يكون الثاء بدلا من الفاء، قال الشاعر:
كأن متنيه من النفي
مواقع الطير على الصفي4
بضم الصاد وكسرها. [1] النزاء: الاندفاع: مادة "نزو". اللسان "6/ 4402". [2] وقد صرح اللغويون بأن معنى الأفرة: الشدة.
جاء في اللسان: وقع في أفرة. أي بلية وشدة، ويقال: أفرت القدر تأفرا: اشتد غليانها، حتى كأنها تنز. مادة "أ. ف. ر". اللسان "1/ 95". [3] الرشاء: الحبل يربط في الدلو "ج" "أرشية" مادة. "رشو". اللسان "3/ 1653".
4 رواه ابن دريد في الجمهرة "3/ 161" غير منسوب هكذا:
كأن متني من النفي
من طول إشرافي على الطوي
مواقع الطير على الصفي
النفي: ما نفاه الرشاء من الماء والطين. مادة "ن ف ي" اللسان "6/ 4512".
الطوي: البئر المبنية بالحجارة. مادة "ط وى" اللسان "4/ 2729".
الصفي: جمع صفا، والصفا جمع صفاة: وهي الحجر الصلد. اللسان "4/ 2469".
يريد أن رشاش الرشاء من الماء والطين يشبه ذرق الطير على الحجر الأملس.
الشاهد في قوله: "كأن متنيه من النفي".
إعرابه: كأن: حرف تشبيه ونصب مبني على الفتح لا محل من الإعراب.
متنيه: اسم كأن منصوب وعلامة نصبه الياء عوضا عن الفتحة لأنه مثنى، والهاء: ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه. من النفي: جار ومجرور.
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 261