اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 260
والوجه أن تكون الفاء بدلا من الثاء، لأنهم قد أجمعوا على أجداث، ولم يقولوا أجداف.
وأما قولهم فناء الدار وثناؤها[1] فأصلان، أما فناؤها فمن فني يفنى، لأنها هناك تفنى، لأنك إذا تناهيت إلى أقصى حدودها فنيت. وأما ثناؤها فمن ثنى يثني، لأنها هناك أيضا ثنثنى عن الانبساط، لمجيء آخرها، وانقضاء حدودها.
فإن قلت: هلا جعلت إجماعهم على أفنية بالفاء دلالة على أن الثاء في ثناء بدل من الفاء في فناء، كما زعمت أن فاء جدف بدل من ثاء جدث، لإجماعهم على أجداث بالثاء، فالفرق بينهما وجودنا لثناء من الاشتقاق ما وجدناه لفناء، ألا ترى أن الفعل يتصرف منهما جميعا، ولسنا نعلم لجدف بالفاء تصرف جدث، فلذلك قضينا بأن الفاء بدل من الثاء.
وأما قول العجاج:
وبلدة مرهوبة العافور2
فذهب فيه يعقوب إلى أنه من عثر يعثر، أي وقع في الشر، وذهب إلى أن الفاء من عافور بدل من الثاء، بما اشتق له. والذي ذهب إليه وجه، إلا أنا إذا وجدنا للفاء وجها نحملها فيه على أنها أصل لم يجز الحكم بكونها بدلا إلا على قبح وضعف تجويز.
وذلك أنه قد يجوز أن يكون قولهم: وقعوا في عافور، فاعولا من العفر[3]، لأن العفر من الشدة أيضا، ولذلك قالوا: عفريت لشدته، ومثاله: فعليت منه، ويشهد لهذا قولهم: وقعنا في عفرة، أي اختلاط وشدة، وأما أفرة ففعلة، من أفر [1] ثناء الدار: طرفيها. مادة "ث ن ى" اللسان "1/ 517".
2 هذا بيت من مشطور الرجز من أرجوزة للعجاج عدد أبياتها 172 بيتا، وبيت الشاهد هو الأربعون -فيها- وروايته: بل بلد ... إلخ.
العافور: الشدة. مادة "ع ف ر" اللسان "4/ 3011".
موضع الشاهد في كلمة "العافور" كما شرح ذلك المؤلف.
إعرابها: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. [3] العفر: يقال أسد عفر وعفرية وعفارية وعفريت وعفرتي: شديد قوي. مادة "ع. ف. ر".
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 260