responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني    الجزء : 1  صفحة : 135
وهذا موضع لا بد فيه من ذكر العلة التي لها صارت حروف الإضافة هذه جارة، لأن الباء واحدة منها، وإذا ذكرنا فالقول فيها هو القول في سائر حروف الجر.
اعلم أن هذه الحروف، أعني الباء، واللام، والكاف، ومن، وعن، وفي، وغير ذلك، إنما جرت الأسماء، من قبل أن الأفعال التي قبلها ضعفت عن وصولها وإفضائها إلى الأسماء التي بعدها، وتناولها إياها كما يتناول غيرها من الأفعال القوية الواصلة إلى المفعولين ما يقتضيه منهم، بلا وساطة حرف إضافة، ألا تراك تقول: ضرب زيد عمرا فيفضي الفعل بعد الفاعل إلى المفعول، فينصبه، لأن في الفعل قوة أفضت به إلى مباشرة الاسم.
ومن الأفعال أفعال ضعفت عن تجاوز الفاعل إلى المفعول، فاحتاجت إلى أشياء تستعين بها على تناولها، والوصول إليها، وذلك نحو: عجبت ومررت وذهبت، لو قلت: عجبت زيدا، ومررت جعفرا، وذهبت محمدا، ولم يجز ذلك، لضعف هذه الأفعال في العرف والاستعمال عن إفضائها إلى هذه الأسماء.
على أن ابن الأعرابي قد حكي عنه: مررت زيدا، وهذا شاذ، فلما قصرت هذه الأفعال عن الوصول إلى هذه الأسماء، رفدت[1] بحروف الإضافة، فجعلت موصلة لها إليها، فقالوا: عجبت من زيد، ونظرت إلى عمرو، وخص كل قبيل من هذه الأفعال بقبيل من هذه الحروف، وقد تتداخل، فيشارك بعضها بعضا في هذه الحروف الموصلة، فلما احتاجت هذه الأفعال إلى هذه الحروف، لتوصلها إلى بعض الأسماء، جعلت تلك الحروف جارة، وأعملت هي في الأسماء، ولم يفض إلى الأسماء النصب الذي يأتي من الأفعال، لأنهم أرادوا أن يجعلوا بين الفعل الواصل بنفسه، وبين الفعل الواصل بغيره فرقا، ليميزوا السبب الأقوى من السبب الأضعف، وجعلت هذه الحروف جارة، ليخالف لفظ ما بعدها لفظ ما بعد الفعل القوي. ولما هجروا لفظ النصب لما ذكرنا، لم يبق إلا الرفع والجر، فأما الرفع فقد استولى عليه الفاعل، فلم يبق إذن غير الجر، فعدلوا إليه[2] ضرورة. ولشيء آخر، وهو أن

[1] رفد: اتبعت. مادة "رفد". اللسان "3/ 1687".
[2] عدلوا إليه: رجعوا إليه.
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني    الجزء : 1  صفحة : 135
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست