اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 134
إن الباء فيه زائدة، وذلك أنه لما رآهم يقولون هدير زغد، وزغدب، واعتقد زيادة الباء في زغدب، وهذا تعجرف منه، وسوء اعتقاد، ويلزم من هذا أن تكون الراء في سبطر ودمثر زائدة، لقولهم: سبط[1] ودمث[2]، وسبيل ما كانت هذه حاله ألا يحفل به، ولا يتشاغل بإفساده.
واعلم أنهم قد سموا هذا الباء في نحو قوله: مررت بزيد، وظفرت ببكر، وغير ذلك، مما تصل فيه الأسماء بالأفعال، مرة حرف إلصاق، ومرة حرف استعانة، ومرة حرف إضافة وكل هذا صحيح من قولهم.
فأما الإلصاق فنحو قولك أمسكت زيدا، يمكن أن تكون باشرته نفسه، وقد يمكن أن تكون منعته من التصرف من غير مباشرة له، فإذا قلت: أمسكت بزيد، فقد أعلمت أنك باشرته وألصقت محل قدرك[3]، أو ما اتصل بمحل قدرك به أو بما اتصل به، فقد صح إذن معنى الإلصاق.
وأما الاستعانة فقولك: ضربت بالسيف، وكتبت بالقلم، وبريت بالمدية[4]، أي استعنت بهذه الأدوات على هذه الأفعال.
وأما بالإضافة فقولك مررت بزيد، أضفت مرورك إلى زيد بالباء، وكذلك عجبت من بكر، أضفت عجبك من بكر إليه بمن.
فأما ما يحكيه أصحاب الشافعي[5] رحمه الله عنه، من أن الباء للتبعيض، فشيء لا يعرفه أصحابنا، ولا ورد به ثبت. [1] سبط: استرسل. مادة "سبط". اللسان "3/ 1922". [2] دمث: لان وسهل. مادة "دمث". اللسان "2/ 1418". [3] محل قدرك: يزيد المكان الذي قدرت به على الالتصاق بزيد ومباشرته. [4] المدية: السكين. [5] الشافعي: هو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع، عالم قريش وفخرها، وإمام الشريعة وحبرها، وهو من ولد المطلب بن عبد مناف، ولد بمدينة غزة سنة 150هـ، وتوفي سنة 204هـ.
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 134