اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 96
تميم ترى العكس صحيحًا أيضًا, فتبدل الجيم ياء، فتقول: صهريٌّ وهي تريد "صهريج": نبه على ذلك ابن سيده في "باب الإتباع" لدى تعليله ما في قولهم: "حار يار، وحران يران، وحارّ جارّ" من الإتباع فقال: "ويمكن أن يكون بارّ لغة في جارّ, كما قالوا: الصهاريج والصهاري، وصهريج وصهري, وصهري لغة تميم؛ وكما قالوا: شِيرَة لشجرة, وحقَّروه فقالوا: شِيَيْرَة"[1].
ولقد أدرك العلماء ما في ضروب الإبدال هذه من تنوع اللهجات, فلم يفسرها المحققون منهم بالمصادفة والاتفاق، ولا بتعمد العرب تعويض حرف من حرف, "وإنما هي -كما قال أبو الطيب اللغوي[2]- لغات مختلفة لمعانٍ متفقة: تتقارب الفلظتان في لغتين لمعنًى واحد، حتى لا تختلفا إلّا في حرف واحد, قال: والدليل على ذلك أن قبيلةً واحدةً لا تتكلم بكلمة طورًا مهمزة, وطورًا غير مهموزة، ولا بالصاد مرة وبالسين أخرى، وكذلك إبدال لام التعريف ميمًا، والهمزة المصدرة عينًا؛ كقولهم في نحو: أن: عن، لا تشترك العرب في شيء من ذلك، إنما يقول هذا قوم وذاك آخرون"[3]. على أننا -بصورة عامة - لاحظنا في الشواهد على تخالف العرب في نطق الأصوات، أن تميمًا تجنح إلى الأشد الأفخم؛ لأنها بدوية، وأن قريشًا تختار الأرق [1] المخصص 14/ 34. [2] أبو الطيب اللغوي: هو عبد الواحد بن علي، له تصانيف كثيرة أهمها "الإبدال" وقد حققه ونشره الأستاذ العلامة عز الدين التنوخي, في مطبوعات المجمع العلمي بدمشق، ومن تصانيفه: "مراتب النحويين" طبع بالقاهرة سنة 1375هـ, ومنها أيضًا "الأتباع"، و"شجر الدر", كان بينه وبين ابن خالويه منافسة. أخذ عن أبي عمر الزاهد ومحمد بن يحيى الصولي, وأصله من عسكر محرم، قدم حلب وأقام بها إلى أن قتل في دخول الدمشق حلب سنة 351هـ. "انظر ترجمته في بغية الوعاة 317". [3] المزهر 1/ 460.
اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 96