اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 94
البدو يجنحون إلى التفخيم، ففضلوا الطاء على التاء, فقالوا: أفلطني لرجل إفلاطًا، عوضًا عن: "أفلتني إفلاتًا". وفي هذا يقول صاحب المخصص: "وقد أبدلت الطاء من التاء في "فعلت", إذا كانت بعد حروف من حروف الإطباق". قال: "وهي لغة تميم، قالوا: فَحَصْطَ برجلك، يريدون فحصت[1]، وحِصْطَ, يريدون حصت" وفضلوا الصاد على السين فقالوا: "شمر عن صاقه" عوضًا عن "ساقه".
وقد أشار إلى هذا ابن منظور في مادة "سمخ" فقال: "السماخ الثقب الذي بين الدُّجْرَيْن من آلة الفدان. والسماخ لغة في الصماخ، وهو والج الأذن عند الدماغ, وسمخه يسمخه سمخًا, أصاب سماخه فعقره.. ولغة تميم الصمخ"[2]. وابن جني يسلك هذا في باب الإدغام، إذ لا يراه -كما أوضحنا- إلّا تقريب الصوت من الصوت، ويعد منه تقريب الصاد من الزاي؛ لأن كليهما أسَليّ مخرجًا, صفيري صفة، نحو: مصدر ومزدر، والتصدير والتزدير, وعليه قول العرب في المثل: "لم يُحْرَم مَنْ فَزْدَله" أصله: فصد له، ثم أسكنت العين على قولهم في ضُرِبَ: ضُرْب، وقوله3:
ونفخوا في مدائنهم فطاروا
فصار تقديره: فصد له، فلما سكنت الصاد فضعفت به, وجاورت الصاد "وهي مهموسة" الدال "وهي مجهورة"، قربت منها بأن أُشمت شيئًا من لفظ الزاي المقاربة للدال بالجهر"[4]. وإذا تذكرنا أن [1] المخصص 13/ 270. [2] لسان العرب 3/ 504.
3 أي: قول القطامي الشاعر المشهور، وصدر البيت:
ألم يجز التفرق جند كسرى [4] الخصائص 1/ 535-536. وقارن بالمزهر 1/ 467.
اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 94