اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 54
اللغات هي الجعزية, أو الحبشية القديمة, التي يرتد تاريخ آثارها إلى سنة 350م.
وهي في بعض خصائصها قريبة من العربية, حلت محلها الأمهرية سنة 1270, ثم باتت منذ القرن التاسع عشر لغة الحبشة الرسمية. أما التيجرية فهي شديدة الشبه بالجعزية, وإن لم تتفرع منها.
من هذا العرض السريع للهجات العربية الجنوبية, يتضح أن السبئية هي التي غلبتها جميعًا في صراعها معها، فقوضت قبائلها ملك المعينين، وأزالت ملك الحضارمة والقتبانين، وظلت لها السيادة في بلاد اليمن القديمة. وأكثر النقوش التي عُثِرَ عليها مدونة بهذه السبئية المتغلبة وجدت في منطقة العلا في الواحات الواقعة شمال بلاد الحجاز، ومنها ما عُثِرَ عليه في المناطق الشمالية المتاخمة لبلاد كنعان, والخط الذي كانت تدون به هذه النقوش هو المعروف "بالمسند" الذي تستند أكثر حروفه إلى ما يشبه الأعمدة، وهو خط هندسي الشكل لطيف منسق. ونذكر على سبيل المثال سطرًا من أحد النقوش السبئية ندونه بحروفنا العربية، ونترجمه إلى لغتنا، ليظهر الفرق العظيم بين العربية الجنوبية القديمة بسائر لهجاتها, وبين العربية الشمالية التي ما نزال ننطق بإحدى لهجاتها إلى يومنا هذا.
النقش السبئي 1:
"بمقم مراهيمو عشتر شرقرن واشمسهو والال تهمو وباخيل ومقيمت خميس".
الترجمة العربية: بمجد سيدتهم عشتروت المشرقة, وآلهتهم الشموس, وسائر الآلهة وبحول وقوة الخميس "الجيش".
أما العربية الشمالية: فإننا لا نكاد نعرف شيئًا عن نشأتها, والمراحل التي اجتازتها في عصورها الأولى، وهي قسمان: العربية البائدة التي لا يتجاوز أقدم ما وصلنا من نقوشها القرن الأول ق. م., والعربية الباقية التي لا تجاوز آثارها القرن الخامس بعد الميلاد.
1 هذا النقش منقول من كتاب ولفنسون ص248-250 "السطر الخامس من النقش".
اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 54