اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 342
الاسمى المفرد تطبيعًا أو سهوًا؛ إذ لا يعقل أن يخالف الأستاذ متعمدًا إحدى بديهيات اللغة والصرف والرسم والإملاء من غير ما اضطرار إلى ذلك، ومتى ضاقت بمثله مسالك التعير حتى لم يجد إلا هذه التاء الدميمة يمسخ بها عربية الوزن وصفاء البناء؟! لكنني -وقد تفهمت قاعدته فيما جدد، ومنهجه فيما استحدث- أيقنت أنه قاصد هذه التاء، وأن لا سبيل إلى الدفاع عن إتيانه بها بحال، فإنه في أوزانه المبتدعة كلها -ما قرب منها من الوزن العربي وما بعد عنه- لم يحد قيد شعرة عن حروف الزيادة الصرفية التي يجمعها قولنا "سألتمونيها" أو "اليوم تنساه"[1]. على أنه رغم لجوئه إلى مواد الزيادة المعروفة لصياغة قوالبه غالَى وأسرف حتى كاد يجعل صور قوالبه الزائدة عملية عقلية رياضية بحتة أدخل فيها كل حرف من حروف الزيادة أولًا وآخرًا ووسطًا في كل وزن كان من قبل معروفًا -إما شائعًا وإما مهجورًا- فلو كتب لرأيه السيرورة لكان الذي تقبل منه أبعد ما يكون عن العربية الفصحى بوجهها الصريح.
وإنما أتى أولئك الباحثون من قبل الاستقراء الناقص، فحكموا المثال الواحد أو الأمثلة القليلة في القاعدة، ووضعوا المقاييس مع خلطهم بين القياس والمقيس، وإذا هم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا حين أغنوا العربية بزعمهم بأوزان تحييها، وقوالب "جاهزة" لكل اصطلاح فيها وتعبير.
ولتجدن هذا الاستقراء أنقص ما يكون فيما كتبه جرجي زيدان في "الفلسفة اللغوية" حول الأوزان المهملة التي اندثرت وأميتت. ونزداد يقينًا بأن هذا رجل يخوض فيما لا يعلم، ويتطفل على ميدان اللغة وليس من أهليه، حين نجده يرطن رطانة الأعجمي وهو يؤكد الأثر العبري [1] الأمالي 2/ 186.
اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 342