responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح    الجزء : 1  صفحة : 308
الدار التي تم بناؤها لتكون جزءًا من البلد العامر، ثم في القبر والأثر معنى عكسي للسكنى والعمران، فما القبر إلا بلد الموتى ومسكنهم، وما الأثر إلا الدليل على عمران المكان قبل أن يعفو ويدرس. ولقد يكون في التماس هذه الروابط المشتركة بعض التكلف، ولكنه يظل خيرًا ألف مرة من التسرع في رمي القدماء بقلة التثبت، فما أمثالنا بأهل لكيل الاتهامات جزافًا لأمثالهم.
والسياق هو الذي يعين أحد المعاني المشتركة للفظ الواحد، وهذا السياق لا يقوم على كلمة تنفرد وحدها في الذهن، وإنما يقوم على تركيب يوجد الارتباط بين أجزاء الجملة، فيخلع على اللفظ المعنى المناسب. وعلى هذا لا يجد الباحث كبير عناء في فهم لفظ "الغروب" يتردد ثلاث مرات في ثلاثة أبيات على قافية واحدة يستوي لفظها ويختلف معناها:
يا ويح قلبي من دواعي الهوى ... إذ رحل الجيران عند الغروبْ
أتبعتهم طرفي وقد أزمعوا ... ودمع عيني كفيض الغروبْ
كانوا وفيهم طفلة حرة ... تفتر عن مثل أقاحي الغروبْ
فليس متعذرًا أن يُفهم من وحي السياق أن الغروب الأول: غروب الشمس؛ والثاني جمع غرب: وهو الدلو العظيمة المملوءة، والثالث جمع غرب: وهو الوهاد المنخفضة[1].
إن في المشترك لتنوعًا في المعاني بسبب تنوع الاستعمال، وإن في اشتمال العربية على قدر لا يستهان به من الألفاظ التي تنوع استعمالها بتنوع السياق -لدليلًا على سعتها في التعبير عن طريق الاشتراك كسعتها فيه عن طريق الترادف.

[1] المزهر 1/ 376. وقارن بمراتب النحويين لأبي الطيب اللغوي ص35.
اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح    الجزء : 1  صفحة : 308
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست