اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 307
ويقال للشجاع: بهمة؛ لأن مقاتله لا يدري من أي وجه يوقع الحيلة عليه"[1].
وإذا كان القدماء يصرحون بصعوبة الكشف عن العلاقة بين بعض الألفاظ ومدلولاتها، ولا يتصدون لتعليل أسماء المسميات أو توضيح جميع موارد الاشتقاق، فليس من اللائق أن يرميهم المحدثون بالاضطراب في الرواية مؤكدين مثلًا أن ليس من علاقة بين "الليث بمعنى الأسد، وضرب من العنكبوت، واللسن البليغ" أو بين "الفخت بمعنى ضوء القمر، ونشل الطباخ الفدرة[2] من القدرة، وثقوب مستديرة في السقف" أو بين "البلد بمعنى كل قطعة من الأرض عامرة، ومكة، والتراب، والقبر، والدار، والأثر"[3] لأن الراوبط المشتركة بين هذه المسميات يمكن أن تلمح بإحدى طريقتين: سلبية أو إيجابية، فإذا كان في الليث معنى القوة الحسية ففي اللسن البليغ معنى القوة البيانية، وفي العنكبوت معنى الضد المقابل، فكان الرابط فيها سلبيًّا عكسيًّا كما سنرى في بحث الأضداد، وإذا كان في الفخت معنى ضوء القمر الذي يخترق الليل وينفذ خلاله ويثقبه ففي الثقوب المستديرة اختراق للسقف ونفوذ فيه، وفي امتداد يد الطباخ إلى القدرة ولانتشال الفدرة منها نفوذ فيها واختراق لها؛ فالمعنى الحسي الذي لاحظه العرب في ضوء القمر الثاقب يمكننا ملاحظته بيسر وسهولة في المعنيين الآخرين المتطورين اللذين يثيران الدهشة عند المحدثين.
وإذا كان في البلد معنى اقتطاع الشيء لسكناه وعمرانه، ففي مكة تجسيد لهذا المعنى عن طريق العلمية، وفي التراب تحقيق لهذا المعنى؛ لأنه وسيلة البناء والعمران الحسيين، ويزداد هذا المعنى تحققًا في [1] الأضداد لابن الأنباري 6-8. [2] القدرة من اللحم: القطعة المطبوخة الباردة. [3] اللهجات 187.
اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 307