اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 305
والثالث: اسم جبل، والرابع: عسل، والخامس: خمر، والسادس: نجد[1] ...
والواقع أن لفظ "جَلْس" كان يستعمل في الأصل لمعنى خاص هو الارتفاع مثلًا، وقد يكون من السهل ملاحظة هذا المعنى الأصلي في وصف الرجل بالجلس إذا كان طويلا؛ لأن الطول ارتفاع، وقد تكون ملاحظته أيسر في الجبل العالي أو في تسمية الجبل بالجلس بسبب ارتفاعه، وإن كان البحث عن المعنى الأصلي في العسل والخمر والنجد لا يخلو من تكلف واصطنع. لكن الشيء الذي لا بد من ملاحظته هو أن المعنى الأصلي أن تنوسي أو حفظ في بطون المعجمات، قد كان يلاحظ وحده حين أطلق لفظه للمرة الأولى، ثم جاءت بعض المصادفات المحضة التي قد تظل مجهولة لدينا في بعض جوانبها أحيانًا كثيرة فغيرت معنى هذا اللفظ واستعملته في غير المراد الأصلي البدائي منه، فوجوده بين الألفاظ المهجورة التي قد تستعمل أو حفظه في كتب اللغة بين الألفاظ المستعملة التي قد تهجر لا ينفي أن له في الأصل معنى خاصًّا يدل عليه دون سواه.
ولعل بلي Bally لم يكن يقصد غير هذا حين كان يقول: "الكلمات لا تستعمل في واقع اللغة تبعًا لقيمته التاريخية؛ فالعقل ينسى خطوات التطور المعنوي التي مرت بها، إذا سلمنا بأنه عرفها في يوم من الأيام. وللكلمات دائمًا معنى حضوري actuel محدود باللحظة التي تستعمل فيها، ومفرد، خاص بالاستعمال الوقتي الذي تستعمل فيه"[2].
وإذا كان تطور اللفظ المشترك -بأي طرق التطور- لا ينم في طبيعة المفردات إلا عن فكرة تاريخية عجلى غالبًا ما تكون زائفة، فإنه وقد حصل مقدمة لثراء كل لغة تشتمل على جملة طيبة منه، [1] المزهر 1/ 376-377. [2] ch. Bally precis de stylistique 21-47
اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 305