اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 304
المعنيين ينبغي ألا يكون قصدًا في الوضع ولا أصلًا ولكنه من لغات تداخلت، أو أن تكون لفظة تستعمل لمعنى ثم تستعار لشيء فتكثر وتصير بمنزلة الأصل"[1].
وقد لعب تداخل اللغات دورًا خطيرًا في استعمال الألفاظ المشتركة، فكان مادة صالحة للتورية والتجنيس عند المشغوفين بالمحسنات اللفظية، فمن السهل أن يكرر الشاعر أو الناثر لفظ "الألف" قاصدًا به الأحمق كما هو في لغة قيس، أو الأعسر كما في لغة تميم[2]، أو لفظ "الهِجْرِس" قاصدًا به القرد كما في لغة الحجاز، أو الثعلب كما عند تميم[3]، أو لفظ "السليط" قاصدًا له الزيت كما يقول عامة العرب، أو دهن السمسم خاصة كما عند أهل اليمن[4].
وهنا تسمح قريحة الشعراء المجنسين بما يعتبرونه عبقرية في الشعر، وإن كان الشعر براء من هذا السخف كله، فليأخذ الزهو رجلًا كسلامة الأنباري وهو ينشد في شرح المقامات:
لقد رأيت هذريًا جَلْسا ... يقود من بطن قديد جَلْسا
ثم رقى من بعد ذاك جَلْسا ... يشرب فيه لبنا وجَلْسا
مع رفقة لا يشربون جَلْسا ... ولا يؤمون لهم جَلْسا
وكيف لا يأخذه الزهو وقد صلح لفظ "جلس" عنده لستة معانٍ مختلفة في ثلاثة أبيات فقط؟ فالأول: رجل طويل، والثاني: جبل عالٍ، [1] المخصص 3/ 259. [2] المزهر 1/ 381. [3] في اللهجات العربية 185. [4] المزهر 1/ 381. وقد صرح السيوطي في هذا النوع بأنه "من المشترك بالنسبة إلى لغتين"، ونقل مثلي الألفت والسليط عن "الغريب المصنف".
اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 304