اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 156
تتويجًا، أو إقحامًا، أو تذييلًا، مع بقاء اللُّحمة المعنوية بين الثنائي والثلاثي، كما هي مستمرة بين الثلاثي والرباعي، وما فوقه من المزيدات, فكان من أسرار العربية، تبعًا لهذا، أننا كلما ردَّدنا موادها المزيدة إلى الصورة الثنائية التاريخية، وجدنا الحرف الذي ثَلَّثَ أصلها, ما يبرح ذا قيمة تعبيرية ذاتية توجه المعنى الأصلي العام توجيهًا خاصًّا، وتزيده تنوعًا وتقييدًا[2].
فهذا ابن فارس في "المقاييس" يرد أصل "باب القاف والطاء وما يثلثهما" إلى معنى القطع، فيراه في "قطع" الذي يدل على صَرْمِ وإبانة شيء من شيء [3]، وفي "قطف" الذي يدل على أخذ ثمرة من شجرة[4]، وفي "قطل" الذي يدل على قطع الشيء[5]، وفي "قطم" الذي يدل على قطع الشيء أيضًا[6]، فالعين والفاء واللام والميم جاءت أحرفًا زائدة على الأصل الثنائي "قط" فخصَّصَت" معنى القطع ونوَّعته بين الصرم والإبانة والأخذ، وردَّدته لأصواتها بين درجات الشدة والغلظة في إحداث القطع.
وهذا ابن فارس أيضًا يرد أصل "باب الفاء والراء وما يثلثهما" إلى معنى التمييز والإفراد، وإذا بهذا المعنى يصير تفتحًا في الشيء وشقًّا في "فرج" بسبب الجيم[7]، ويصير بمعنى التوحد في "فرد" بسبب
1 من كلمة الأب مرمرجي في الثنائية, ص9. [2] قارن بفقه اللغة "للمبارك" ص74, واقرأ بإمعان ما ذكره من الأمثلة. [3] المقاييس 5/ 101, ومن ذلك تقاطع الرجلان: إذا تصارما, وأقطعت الرجل إقطاعًا، كأنه طائفة قد قطعت من بلد, والمقطعات: الثياب القاصر, وكذلك مقطعات أبيات الشعر. [4] المقاييس 5/ 103, ومنه القطافة: ما يسقط من القطوف, والقطف: الخدش. [5] المقاييس 5/ 103, ومنه المقطلة: حديدة يقطع بها. [6] المقاييس 5/ 103, ومنه: قطم الفصيل الحشيش بأدنى فمه يقطمه. [7] المقاييس 4/ 498, وأهم ما في الباب الفرجة في الحائط وغيره.
اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 156