اسم الکتاب : المزهر في علوم اللغة وأنواعها المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 254
النوع الثاني والعشرون
معرفة خصائص اللغة
من ذلك: أنها أفضل اللغات وأوسعهاقال ابنُ فارس في فقه اللغة: لغةُ العرب أفضل اللغات وأوسعهاقال تعالى: وإنه لتنزيل رب العاملين نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتكُونَ مِنَ المُنْذِرين بِلِسَانٍ عَرَبيٍّ مُبِينٍ فوصفه - سبحانه - بأبلغ ما يُوصَف به الكلامُ وهو البيان.
وقال تعالى: {خَلَق الإنسانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} فقدَّم - سبحانه - ذِكْرَ البيان على جميع ما توحَّد بخلقه وتفرد بإنشائهمن شمسٍ وقمر ونجْم وشجر وغير ذلك من الخلائق المُحْكَمَة والنشايا المتقنة فلما خصَّ - سبحانه - اللسانَ العربي بالبيان عُلم أن سائرَ اللغات قاصرةٌ عنه وواقعة دونه.
فإن قال قائلٌْ: فقد يقع البيان بغير اللسان العربيلأن كلَّ من أفهمَ بكلامه على شرط لُغته فقد بيَّن.
قيل له: إن كنتَ تريد أن المتكلم بغير اللغة العربية قد يُعْرِب عن نفسه حتى يفم السامع مراده فهذا أخس مراتب البيانلأن الأبْكم قد يدلُّ بإشارات وحركات له على أكثر مراده ثم لا يسمى متكلمافضلا عن أن يسمى بينا أو بليغاوإن أردت أنَّ سائرَ اللغات تُبِين إبانَةَ اللغة العربية فهذا غلطلأنا لو احتجنا إلى أن نُعَبِّر عن السيف وأوصافه باللغة الفارسية لما أمكننا ذلك إلا باسم واحد ونحن نذكر للسيف بالعربية صفاتٍ كثيرة وكذلك الأسد والفرس وغيرهما من الأشياء والمسميات بالأسماء المترادفة.
فأين هذا من ذاكوأين لسائر اللغات من السعة ما للغة العربهذا ما لا خفاء به على ذي نُهْية.
وقد قال بعض علمائنا - حين ذكر ما للعرب من الاستعارة والتمثيل والقَلْب والتقديم والتأخير وغيرها من سنن العرب في القرآن فقال: وكذلك لا يقدرُ أحدٌ من التَّراجم على أن ينقلَه إلى شيء من الألْسِنة كما نُقِل الإنجيل عن السريانية إلى الحبشية والرومية وترجمت التوارة والزَّبور وسائر كتب الله عز وجل بالعربية لأنَّ غيرَ العرب لم تتسع في المجاز اتساع العربألا ترى أنك لو أردتَ أن تنقلَ قوله
اسم الکتاب : المزهر في علوم اللغة وأنواعها المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 254