اسم الکتاب : المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث اللغوي المؤلف : رمضان عبد التواب الجزء : 1 صفحة : 65
ويقول المستشرق "برجشتراسر": "أما الضاد فهي الآن شديدة عند أكثر أهل المدن، وهي رخوة "عند القدماء" كما هي الآن عند أكثر البدو، ومع ذلك فليس لفظها البدوي الحاضر نفس لفظها العتيق؛ لأن مخرج الضاد "عند القدماء" من حافة اللسان. ومن القدماء من يقول: من جانبه الأيسر، ومنهم من يقول: من الأيمن، ومنهم من يقول: من كليهما، فمخرجها قريب من مخرج اللام من بعض الوجوه. والفرق بينهما هو أن الضاد من الحروف المطبقة كالصاد، وأنها من ذوات الدوي "الاحتكاك"، واللام غير مطبقة، صوتية محضة، فالضاد العتيقة حرف غريب جدا، غير موجود -حسبما أعرف- في لغة من اللغات إلا العربية، ولذلك كانوا يكنون عن العرب، بالناطقين بالضاد. ويغلب على ظني أن النطق العتيق للضاد، لا يوجد الآن عند أحد من العرب، غير أن للضاد نطقا قريبا منه جدا عند أهل حضرموت، وهو كاللام المطبقة. ويظهر أن الأندلسيين، كانوا ينطقون الضاد مثل ذلك، ولذلك استبدلها الإسبان بصوت "ld" في الكلمات العربية المستعارة في لغتهم، مثال ذلك أن كلمة: "القاضي" صارت في الإسبانية alcalde. ومما يدل أيضا على أن الضاد كانت في نطقها قريبة من اللام، أن الزمخشري ذكر في كتابه: "المفصل" أن بعض العرب، كانت تقول: "الطجع" بدل: "اضطجع". ونشأ نطق الضاد عند البدو، من نطقها العتيق بتغيير مخرجها من حافة اللسان إلى طرفه، ونطقها عند أهل المدن، نشأ من هذا النطق البدوي، يإعماد طرف اللسان على الفك الأعلى، بدل تقريبه منه فقط، فصار الحرف بذلك في نطقه شديدا، بعد أن كان رخوا"[1]. [1] التطور النحوي 18.
اسم الکتاب : المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث اللغوي المؤلف : رمضان عبد التواب الجزء : 1 صفحة : 65