responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اللغة العربية معناها ومبناها المؤلف : تمام حسان    الجزء : 1  صفحة : 228
هذا مع تغيّر النغمة أن يفهم منه معنى التقرير للتأنيب أو التعبير أو الإلجاء إلى الاعتراف, وإن مجرَّد قبول احتمال من هذا النوع ليبرر موقف الأقدمين حين حافظوا على ذكر الأدوات باطراد؛ لأن التراث مكتوب تتضح فيه العلاقات بالأدوات, وليس منطوقًا تتضح فيه العلاقات بالنغمات.
ومما يتَّصل بقولنا في: "لا وشفاك والله" ما أخطأ النحاة التوفيق في فهمه من قول جميل بن معمر:
لا لا أبوح بحب بثنة إنها ... أخذت عليّ مواثقًا وعهودًا
فلو اصطنع النحاة لأنفسهم علامات للترقيم لوجد القارئ نقطة للوقف بعد "لا" الأولى, ولأدركوا أن "لا" هذه بنفسها تكون جملة مفيدة يستحسن في تنغيمها أن نقف عليها لتمام الفائدة, ولو تورَّطوا في اعتبارها حرف نفي مؤكدًا توكيدًا لفظيًّا بحرفٍ على مثل صورته قال له. ومن الواضح أن هناك فرقًا بين أن تكون "لا" الأولى حرف نفي مؤكدًا أو جملةً كاملة الإفادة يستحسن السكوت عليها, ويتطلب التنغيم في حالة التوكيد وصل الكلام, وفي حالة المفيدة وقفة واسئنافًا.
وللنغمة دلالة وظيفية على معاني الجمل تتضح في صلاحية الجمل التأثرية exciamatcry المختصرة نحو: لا! نعم! يا سلام!، الله! إلخ. لأن تقال بنغمات متعددة ويتغيّر معناها النحوي والدلالي مع كل نغمة بين الاستفهام والتوكيد والإثبات لمعانٍ مثل: الحزن والفرح والشكّ والتأنيب والاعتراض والتحقير, وهلمَّ جرا حيث تكون النغمة هي العنصر الوحيد الذي تسبَّب عنه تباين هذه المعاني؛ لأن هذه الجملة لم تتعرَّض لتغيّر في بنيتها, ولم يضف إليها, أو يستخرج منها شيء مؤلم يتغير فيها إلّا التنغيم, وما قد يصاحبه من تعبيرات الملامح وأعضاء الجسم مما يعتبر من القرائن الحالية.
والتنغيم في اللغة العربية الفصحى غير مستحيل ولا مدروس, ومن ثَمَّ تخضع دراستنا إياه في الوقت الحاضر لضرورة الاعتماد على العادات النطقية في اللهجات العامية. وفي دراستي للهجة عدن وقفت بواسطة الملاحظة التي أيدتها تجارب المعمل في بعض نتائجها على نظام التنغيم في اللهجة, ثم حاولت

اسم الکتاب : اللغة العربية معناها ومبناها المؤلف : تمام حسان    الجزء : 1  صفحة : 228
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست