اسم الکتاب : اللغة المؤلف : جوزيف فندريس الجزء : 1 صفحة : 355
يمكن أن تتنبأ باندثار البريتانية ولكن يجب ألا تتعجل القول به. لأن البريتانية ما زالت متماسكة وازدياد السكان -وهو كثير في بريتانيا المتكلمة بالبريتانية- له أثره القوى في بقاء اللغة، هذا فضلا عن تمسك البريتانيين بتقاليدهم القومية. كما أن ميزة التكلم بلغتين قد تشجع البريتانيين على استعمال البريتانية فيما بينهم. فهي لغة خاصة جاهزة تصلح ضمانا للاستقلال, وبوصفها لغة خاصة يمكنها أن تعيش زمنا طويلا للاستعمال بين طوائف معينة مثل صيادي "السردين" أو عمال الملاحات البحرية أو قاطعي الأردواز أو تجار الخيل، وفي هذه الصورة لا يستطيع إنسان أن يتنبأ لها بمقدار الزمن الذي يمكن أن تعمره، لأنها تستطيع حينئذ أن تتجدد وأن تقوى، على شرط أن تكون هناك جماعة عديدة من الناس تعمل على الاحتفاظ بسلامة اللغة الخاصة.
ومع ذلك فهناك بعض الأركان التي اندثرت منها البريتانية. فجماعات العمال في إنبون Hennebont لا تتكلم اليوم غير الفرنسية. وأكثر دلالة من ذلك حالة شبه جزيرة Guerande التي لا نرى فيها اليوم من يتكلم البريتانية من البريتانيين إلا تلك القرى الأربع التي تكون بلدة باتز Batz، وسكانها عامة من عمال الملاحات. وحتى في هذه القرى نرى أن حالة البريتانية قد أصبحت في سوء لأن محيط هذه الدائرة اللغوية يضيق شيئا فشيئا من جهة، ومن جهة أخرى نرى عدد الأفراد الذين يتكلمون البريتانية في داخلها في قلة مستمرة: حتى أنها صارت لا تستعمل الآن بين الأفراد الذين تقل سنهم عن خمسين عاما، وأصبح الأطفال لا يفهمون والديهم فنستطيع أن نتنبأ باللحظة التي تختفي فيها البريتانية نهائية من هذا الركن من الأرض.
ونحن نعرف لغات أخرى انتهت إلى هذا المصير. فالصربية أو الفندية وهي لهجة سلافية، تتكلم اليوم في شيريفالد "lusace" Spreewald؛ في حين أن أختها البولابية Polabe التي كانت تتكلم في وادي الألب الأسفل قد ماتت منذ القرن الثامن عشر. واليوم لا نرى أي أثر للبروسية، وهي لهجة بلطية كانت تحيا على الشاطئ بين دانتسج وكينجر برج في نهاية القرن السادس عشر
اسم الکتاب : اللغة المؤلف : جوزيف فندريس الجزء : 1 صفحة : 355