اسم الکتاب : الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها المؤلف : ابن فارس الجزء : 1 صفحة : 94
لَيْسَ بشيء: قال الله جلّ ثناؤه: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [1] فأين التحقير ها هنا؟
والذي قاله الفرّاء صحيح، وحجته قوله -صلى الله عَلَيْهِ وسلم: "إنّما الولاء لمن أعتق".
باب إلاّ:
أصل الاستثناء أن تَستثني شيئاً من جملة اشتملت عَلَيْهِ فِي أول مَا لفظ به، وهو قولهم: "مَا خرج الناسُ إلا زيداً" فقد كَانَ "زيد" فِي جملة الناس ثُمَّ أُخرج منهم، ولذلك سمي "استثناءً لأنه ثُنِّيَ ذكره مرةً فِي الجملة ومرّة فِي التفصيل. ولذلك قال بعض النحويين: المستثنى خرج مما دخل فيه، وهذا مأخوذ من "الثِّنَا" والثِّنا الأمر يثَّنى مرّتين: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لا ثِنا فِي الصدقة" [2] يعني لا تؤخذ فِي السنة مرتين. قال أوس3:
أفي جَنْب بَكْرٍ قطَّعَتْني ملامةً ... لَعَمري لقد كَانَتْ ملامتها ثِنَا
يقول: لَيْسَ هَذَا بأولّ لومها، فقد فعلَتْه قبل هذا، وهذا ثِنًا بعده.
وقال بعض أهل العلم: "إلا" تكون استثناء لقليل من كثير، نحو "قام الناسُ إلا زيداً". وتكون محققة لفعلٍ مَنفيّ عن اسم قبلها، نحو "مَا قام أحد إلا زيد". وتكون بمعنى "واو العطف" كقوله4:
وأرى لَهَا داراً بأغدرة السيِّـ ... ـدَانِ لَمْ يَدْرُس لَهَا رسمُ
إلا رَماداً هامداً دفعت ... عنه الرِّياحَ خوالِدٌ سُحْمُ
أراد "ورماداً".
وتكون بمعنى "بل" كقوله جلّ ثناؤه: {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى، إِلَّا تَذْكِرَةً} [5] بمعنى "بل تذكرة". ومنه قوله عزّ وجلّ: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ [1] سورة النساء، الآية: 170. [2] رواه مسلم: هبة 24، وبيوع 85.
3 ديوانه: 141. ولعله أراد أوس بن مغراء وهو شاعر تميمي مخضرم، مات سنة 55هـ. والبيت في ديوان كعب بن زهير: 9 برواية: قطعتني قلامة.
4 هو المخبل السعدي، ربيع بن مالك شاعر مخضرم جاهلي إسلامي، انظر ديوانه: 312، وفي لسان العرب: مادة "إلا" سحم: جمع أسحم: أسود. [5] سورة طه، الآية: 3.
اسم الکتاب : الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها المؤلف : ابن فارس الجزء : 1 صفحة : 94