اسم الکتاب : الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها المؤلف : ابن فارس الجزء : 1 صفحة : 118
تخفف قال الله جل ذكره: {كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ} [1] إلا أنها إذا ثقلت في مثل هذا الموضع قرنت بها الهاء فقيل: "كأنّه لم يَدْعُنا". وقالت الخنساء في التخفيف2:
كَأَن لم يكونوا حِمىً يُتّقى ... إذ الناسُ إذ ذاكَ من عزّ بَزّا
أرادت: كأنّهم لم يكونوا.
كلاَّ:
تكون ردّاً ورَدْعاً ونفياً لدعوى مدع إذا قال: "لقيتُ زيداً" قلتَ: "كلاَّ".
وربما كان صِلةً ليمين، كقوله جلّ ثناؤه: {كَلَّا وَالْقَمَرِ} [3]. وهي -وإن كانت صِلةً ليمين- راجعةٌ إلى ما ذكرناهُ. قال الله جلّ ثناؤه: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ} [4] فهي رَدْعٌ عن طاعةِ من نَهاهُ عن عبادة الله جلّ ثناؤه. ونكتة بابها النفي والنهي.
وزعم ناس أن أصل "كَلاَّ": "كَلاَ" و"لا". قال5:
أصابَ خَصَاصَةً فَبَدَا كَلِيلاً ... كَلاَ وانْغَلَّ سائرُه انغِلاَلا
وهذا ليس بشيء. و"كلا" كلمة موضوعة لما ذكرناه على صورتها في التثقيل، وقد ذكرنا وجوهّ "كَلاَّ" في كتاب أفردناه.
فأما نقيض "كَلاَّ" فقال بعض أهل العلم: إن "ذلك" و"هذا" نقيضان لـ"لا". و"أن" كذلك نقيض لِـ"كَلاَّ". قال: وقوله جلّ ثناؤه: {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ} [6] على معنى: ذلك كما قلنا وكما فعلنا. ومثله. {هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآب} [7] بمعنى: هذا كما قلنا وإن للطاغين لشر مآب. [1] سورة يونس، الآية: 12.
2 ديوانها: 81. وقولها: من عز بز مثل، انظر جمهرة الأمثال: 2/ 229. [3] سورة المدثر، الآية. 32. [4] سورة العلق، الآية: 19.
5 ديوان ذي الرمة: 198، الخصاصة. الفقر. انغل: دخل. [6] سورة محمد، الآية: 4. [7] سورة ص، الآية: 55.
اسم الکتاب : الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها المؤلف : ابن فارس الجزء : 1 صفحة : 118