من مسائل اللغة
أشرنا فيما مضى إلى أن علوم العربية نشأت مختلطة في القرنين الأول والثاني بين فروعها قبل أن يعرف المتأخرون من علومها النحو والصرف والدلالة والمعجم وفقه اللغة.
إن علم اللغة في جوانب الدلالة والمعجم نشأ مبكراً في المدينة في ظلال علوم القرآن كالتفسير على يد ابن عباس الذي يعد صنيعه بحق نواة المعجم العربي وطليعته، فقد برع في شرح غريب القرآن الكريم في مفرداته وتراكيبه، كما ظهر ذلك فيما روي عنه في كتب التفسير وفيما جاء في سؤالات نافع بن الأزرق، وكذلك في صحيفة علي بن أبي طلحة، وبرع - أيضاً - في تمييز ما وقع في القرآن من لغات القبائل ولغات الأمم المجاورة، وهو ما يسمى بالمعرب.
وقد ورد عن ابن عباس في مجالات شرح المفردات، وتمييز لغات القبائل، والإحاطة بالمعرب الشيء الكثير.
أولاً: شرح المفردات:
يتناول ابن عباس - في الغالب - كلمة غريبة من آية فيشرحها بما لا يزيد على كلمة أو كلمتين، ولو جمع ما أثر عن ابن عباس في هذا الشأن لكوّن معجماً صالحاً؛ وفيما يلي نماذج من الشرح اللغوي للمفردات عنده:
1- الرَّغَد:
قال ابن عباس في تفسير قوله عز وجل: {وَكُلا منْهَا رَغَدَاً} [1] الرغد: الهنيء[2]. [1] سورة البقرة: الآية 35. [2] ينظر. جامع البيان 1/268.