وضع - رضي الله عنه - تقويماً ثابتاً، وهو التاريخ الهجري، فأصبح عنصراً حيويا في نشأة الفكرة التاريخية، ومنذ ذلك الوقت أصبح توقيت الحوادث أو تاريخها العمود الفقري للدراسات التاريخية[1].
وقام - رضي الله عنه - بتأسيس الديوان أو سجل المحاربين وأهليهم حسب قبائلهم، فأعطى هذا الأنساب أهمية جديدة، وكان حافزاً إضافيا للاهتمام بدراسة الأنساب.
وعلى نحو ذلك كان شأن عمر مع العربية، فلا أظننا نبالغ إن جعلناه أحد الشخصيات المؤثرة تأثيراً طيباً في ظهور علم النحو العربي فيما بعد، لإسهامه في وضع بذرة النحو في المدينة، فمن الثابت اهتمامه بسلامة اللغة، ودعوته إلى مراعاة الصواب في النطق بالمفردات والتراكيب والإعراب.
2- علي بن أبي طالب (40 هـ)
تقدم في الفصل الثاني أن عليًّا - رضي الله عنه - كان أحد الشخصيات الرئيسة التي عزي إليها وضع النحو، وأنه يكوّن مع أبي الأسود قطب الرحى في جملة تراثنا المروي في مسألة نشأة النحو العربي، وأن أكثر الروايات وأوثقها وأقدمها تصبّ فيهما، وقد كانت صلته بأبي الأسود صلة الأستاذ بالتلميذ النجيب.
ومن الثابت أن علياً أسهم إسهاماً فاعلا مع غيره في وضع شيءٍ من أسس النحو بتوجيهاته وملحوظاته وأفكاره النيّرة، وهو ممن حاول تأصيل النحو وتقعيد مسائله في المدينة والكوفة فيما بعد.
وقد ذكرت بعض الروايات أن عليا أرشد أبا الأسود بعد طول تأمل في كلام العرب إلى أصول النحو وحدوده، وأمره بأن يحذو حذوها، ومن ذلك أنه دفع [1] ينظر: نشأة علم التاريخ عند العرب 19.