وقال في كتاب له موجه لبعض الولاة: "أما بعد؛ فإني آمركم بما أمركم به القرآن، وأنهاكم عما نهاكم عنه محمد، وآمركم باتباع الفقه والسنة والتفهّم في العربية"[1].
وروى عنه قوله: "تعلموا إعراب القرآن كما تعلّمون حفظه"[2].
وقوله:" تعلموا النحو كما تعلّمون السنن والفرائض"[3].
وروي عنه - أيضاً - أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري: "أن مُرْ من قِبَلَكَ بتعلم العربية، فإنها تدل على صواب الكلام4".
والعربية في هذا النص هي عربية المصطلح العلمي القديم التي تقابل في مدلولها كلمة النحو، لأنها تدلّ - كما يفهم من قول عمر - على صواب الكلاَم، أي يهتدي بها إلى صواب الكلام.
وقد وردت بعض المصادر - كما تقدم - أن عمر هو الذي أمر أبا الأسود بأن يضع النحو إذ قال: "وليُعَلِّم أبو الأسود أهل البصرة الإعراب"[5].
ولم يكن ذلك - فيما نرى - عن بصر حقيقي بالنحو ودقائقه، وإنما هو إحساس فطري متميّز باللغة والإعراب، ربما دفعه إلى تدبّر اللُّغة وتراكيبها، فلم يجد من الوقت ما يكفي للغوص في لجتها، فاكتفى بالتوجيه والإرشاد ودفع اللحن عن لغة القرآن.
وليس ذلك بمستغرب من شخصية فذّة كعمر بن الخطاب، فأثره جليّ في كثير من مستجدات الأمور عند المسلمين، كالعلوم والإدارة والسياسة، فقد [1] ينظر: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 9/9. [2] إيضاح الوقف والابتداء1/19، 20. [3] البيان والتبيين 2/219.
4 إيضاح الوقف والابتداء1/30. [5] المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 9/18.