الباب الثلاثون: باب ما يُجرُّ به في الاستثناء
[علة إعراب "غير" إعراب الاسم بعد إلا]
إن قال قائل: لم أُعربت "غير" إعراب الاسم الواقع بعد "إلا" دون "سوى وسواء"؟
قيل: لأن "غير" لَمّا أُقيمت -ههنا- مُقام "إلا" وكان مابعدها مجرورًا بالإضافة، ولا بدَّ لها في نفسها من إعراب، أُعرِبت إعرابَ الاسم الواقع بعد "إلا" ليدل بذلك على ما كان يستحق الاسم الذي بعد "إلا" من الإعراب، ويبقى حكم الاستثناء، وأما "سوى، وسواء" فلزمهما النصب؛ لأنهما لا يكونان (إلا ظرفين، فلم يجز نقل الإعراب إليهما، كما جاز في "غير" لأن ذلك يؤدي إلى تمكنهما، وهما لا يكونان متمكنين) [1] فلذلك، لم يجز أن يُعربا إعراب الاسم الواقع بعد "إلا" وأما "حاشا" فاختلف النحويون فيها[2]؛ فذهب سيبويه ومن تابعه من البصريين إلى أنه حرف جر، وليس بفعل، والدليل على ذلك: أنه لو كان فعلاً؛ لجاز أن تدخل[3] عليه "ما" كما /يجوز أن/[4] تدخل على الأفعال؛ فيقال: "ما حاشا زيدًا" كما يقال: "ما خلا زيدًا" فلما لم يقل، دل على أنه ليس بفعل، فوجب أن يكون حرفًا. وذهب الكوفيون: إلى أنه فعل، ووافقهم أبو العباس المبرد من البصريين، واستدلوا على ذلك من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أنَّه يتصرف، والتَّصرف من خصائص الأفعال؛ قال النَّابغة[5]: [البسيط]
ولا أرى فاعلاً في الناس يُشبِهُهُ ... وما أُحاشي مِنَ الأقوام مِنْ أَحدِ6 [1] سقطت من "س". [2] في "ط" في ذلك. [3] في "ط" يدخل. [4] زيادة من "س". [5] النَّابغة: سبقت ترجمته.
6 المفردات الغريبة: ما أُحاشي: ما أستثني.
مواطن الشاهد: "وما أحاشي".
وجه الاستشهاد: مجيء فعل أُحاشي في صيغة المضارع من فعل "حاشا" وفي هذا دليل على تصرف "حاشا" وفعليتها، كما قال الْمُبِّرد والكوفيون، خلافًا للبصريين القائلين بحرفيتها.