يقال: إن "زيدًا" في قولك: "ضربت زيدًا" منصوب؛ لكونه مفعولاً لا بالفعل، وذلك محال؛ لأن كونه مفعولاً..[1] يوجب أن يكون: "ضربت" هو العامل فيه النَّصب، فكذلك ههنا. وأما قول الزَّجَّاج[2]: إنه[3] ينتصب بتقدير عامل؛ لأن الفعل لا يعمل في المفعول وبينهما الواو، فليس بصحيح أيضًا؛ لأنَّ الفعل يعمل في المفعول على الوجه الذي يتصل به المفعول، فإن كان الفعل لا يفتقر إلى تقوية تعدَّى إلى المفعول بنفسه، وإن كان يفتقر إلى تقوية بحرف الجر، أو غيره، عمل بتوسُطه، ألا ترى أنك تقول: "أكرمت زيدًا وعمرًا" فتنصب "عمرًا" بـ "أكرمت" كما تنصب "زيدًا" به، فلم تمنع [4] الواو من وقوع "أكرمت" على ما بعدها، فكذلك ههنا.
[علة حذف مع وإقامة الواو مُقامها]
فإن قيل: لِمَ حذفت "مع" وأُقيمت "الواو" مقامها. قيل: حُذفت "مع" وأُقيمت "الواو" مُقامها، توسعًا في كلامهم، /و/[5] طلبًا للتخفيف والاختصار.
[علة كون الواو أولى من غيرها من الحروف في النيابة]
فإن قيل: فَلِمَ كانت "الواو" أولى من غيرها /من الحروف/[6]؟ قيل: إنما كانت /الواو/[7] أولى من غيرها؛ لأن "الواو" في معنى "مع" ولأن معنى "مع" المصاحبة، ومعنى "الواو" الجمع، فلما كانت في معنى "مع" كانت أولى من غيرها.
[علة عدم تقدم المنصوب على الناصب في المفعول معه]
فإن قيل: فهل يجوز تقديم المنصوب -ههنا- على الناصب؟ قيل: لا يجوز ذلك؛ لأن حكم "الواو" ألا تتقدم على ما قبلها، وهذا الباب من النحويين/مَنْ/[8] يُجري فيه القياس، ومنهم من يقصره على السَّماع، والأكثرون على القول الأوّل؛ فاعرفه تصب، إن شاء الله تعالى. [1] في "ط" زيادة "لا" بعد مفعولاً، ولا يستقيم الكلام بزيادتها. [2] الزَّجَّاج: أبو إسحاق، إبراهيم بن السري، نحويّ بغدادي، أخذ أوَّل الأمر عن ثعلب، ثُمَّ لزم المبرد. مات سنة 311هـ. بغية الوعاة 411/1، ومعجم المؤلفين 33/1. [3] في "ط" فإنه؛ وما أثبتناه من "س". [4] في "ط" تمتنع. [5] سقطت من "س". [6] سقطت من "س". [7] سقطت من "س". [8] سقطت من "س".