الباب الخامس والعشرون: باب المفعول معه
[عامل النصب في المفعول معه وخلافهم في ذلك]
إن قال قائل: ما العامل للنصب[1] في المفعول معه؟ قيل: اختلف النحويون في ذلك؛ فذهب البصريون إلى أن العامل فيه هو الفعل، وذلك؛ لأن الأصل في/ نحو/[2] قولهم: "استوى الماءُ والخشبة" أي: مع الخشبة، إلا أنهم أقاموا الواو مُقام "مع" توسعًا في كلامهم؛ فقوي الفعل بالواو، فتعدّى إلى الاسم[3] فنصبه، كما قوي بالهمزة في قولك: "أخرجت[4] زيدًا"، ونظير هذا نصبهم الاسم في باب الاستثناء بالفعل المتقدم بتقوية "إلا" نحو: "قام القوم إلا زيدًا" فكذلك -ههنا- المفعول معه منصوب بالفعل المتقدم بتقوية الواو. وذهب الكوفيون إلى أن المفعول معه منصوب على الخلاف، وذلك؛ لأنه إذا قال استوى الماءُ والخشبة لا يحسن تكرار[5] الفعل، فيقال: "استوى الماء، واستوت الخشبة"؛ لأن الخشبة لم تكن معوجّة حتى تستوى[6]، فلما لم يحسن تكرير الفعل، كما يحسن في "جاء زيد وعمرو" فقد خالف الثاني الأول، فانتصب على الخلاف. وذهب أبو إسحاق الزَّجاج إلى أنه منصوب بعاملٍ مُقدر؛ والتقدير فيه: "استوى الماءُ، ولابسَ الخشبة"؛ وزعم أن الفعل لا يعمل في المفعول، وبينهما الواو. والصحيح: هو الأول؛ وأما قول الكوفيين: إنه منصوب على الخلاف؛ لأنه لا يحسن تكرير الفعل؛ فقلنا [7]: هذا هو الموجب؛ لكون الواو غير عاملة، وأن الفعل هو العامل بتقويتها لا بنفس المخالفة، ولو جاز أن يقال مثل ذلك؛ لجاز أن [1] في "س" النّصب. [2] سقطت من "س". [3] في "س" إلى الفعل، وهو سهو من الناسخ. [4] في "س" سقطت همزة أخرجت. [5] في "س" تكرير. [6] في "س" فتستوي. [7] في "س" قلنا.