responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن - ط الراية المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 116
ينبغي أن ترافق بين بهيم وبن دَاوُدَ الطَّائِيِّ وَسَلامٍ أَبِي الْأَحْوَصِ حَتَّى يَبْكِيَ بعضهم إلى بعض، فيشتفون أَوْ يَمُوتُونَ.
فَلَمْ أَزَلْ أَرْفُقُ بِهِ، وَقُلْتُ: وَيْحَكَ، لَعَلَّهَا خَيْرُ سَفْرَةٍ سَافَرْتَهَا، وَكُلُّ ذَلِكَ لا يَعْلَمُ بِهِ بَهِيمٌ، وَلَوْ عَلِمَ، مَا صاحبه، فخرجا ورجعا.
فلما [وصلا] جِئْتُ أُسَلِّمُ عَلَى جَارِي، قَالَ لِي: جَزَاكَ اللَّهُ يَا أَخِي عَنِّي خَيْرًا، مَا ظَنَنْتُ أن في هذا الْخَلْقِ مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ، كَانَ وَاللَّهِ يَتَفَضَّلُ علي في النفقة وهو معدم وَأَنَا مُوسِرٌ، وَفِي الْخِدْمَةِ وَأَنَا شَابٌّ وَهُوَ شَيْخٌ، وَيَطْبَخُ لِي وَأَنَا مُفْطِرٌ وَهُوَ صَائِمٌ.
فقلت: فكيف كَانَ أَمْرُكَ مَعَهُ فِي الَّذِي كُنْتَ تَكْرَهُهُ من طويل بكائه؟
قال: ألفت والله ذاك الْبُكَاءَ وَسُرَّ قَلْبِي حَتَّى كُنْتُ أُسَاعِدُهُ عَلَيْهِ حَتَّى تَأَذَّى بِنَا الرُّفُقَةُ، ثُمَّ أَلِفُوا ذَلِكَ، فَجَعَلُوا إِذَا سَمِعُونَا نَبْكِي يَبْكُونَ، وَجَعَلَ بَعْضَهُمْ يَقُولُ لِبَعْضٍ: مَا الَّذِي جَعَلَهُمْ أَوْلَى بِالْبُكَاءِ مِنَّا وَالْمَصِيرُ وَاحِدٌ؟! فَيَبْكُونَ وَنَبْكِي ثُمَّ خَرَجْتُ من عنده، فأتيت بهيماً فقلت: كَيْفَ رَأَيْتَ صَاحِبَكَ؟ قَالَ: كَخَيْرِ صَاحِبٍ، كَثِيرَ الذكر لله، طويل التلاوة، وسريع الدَّمْعَةِ، جَزَاكَ اللَّهُ عَنِّي خَيْرًا.

اسم الکتاب : مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن - ط الراية المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 116
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست