اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير الجزء : 1 صفحة : 38
والله المحيط بالعلم فيه والخبير بالمعنى الذي وضع له فلا يظن المتصفح لهذا المكتوب أن في الأخبار عنه بعض غلو فإن كل مخبر عنه لو كان قسا بيانا أو سحبانا[1] يقف موقف العجز والتقصير والله المحيط بكل شيء علما لا إله سواه. [1] هما قس بن ساعدة، وسحبان وائل.
مواقف خزي ومهانة
وببلاد هذا الصعيد المعترضة في الطريق للحجاج والمسافرين كاخميم وقوص ومنيه ابن الحصيب من التعرض لمراكب المسافرين وتكشفها والبحث عنها وإدخال الايدي إلى اوساط التجار فحصا عما تأبطوه أو احتضنوه من دراهم أو دنانير ما يقبح سماعه وتستشنع الاحدوثة عنه كل ذلك برسم الزكاة دون مراعاة لمحلها أو ما يدرك النصاب منها حسبما ذكرناه في ذكر الإسكندرية من هذا المكتوب. وربما الزموهم الإيمان على ما بأيديهم وهل عندهم غير ذلك ويحضرون كتاب الله العزيز يقع اليمين عليه فيقف الحجاج بين أيدي هؤلاء المتناولين لها مواقف خزى ومهانة تذكرهم أيام المكوس. وهذا أمر يقع القطع على أن صلاح الدين لا يعرفه ولو عرفه لامر بقطعه كما أمر بقطع ما هو أعظم منه ولجاهد المتنأول له فان جهادهم من الواجبات لما يصدر عنهم من التعسف وعسير الأرهاق وسوء المعاملة مع غرباء انقطعوا إلى الله عز وجل وخرجوا مهاجرين إلى حرمه الامين، ولو شاء الله لكانت هذه الخطة مندوحة في اقتضاء الزكاة على أجمل الوجوه من ذوي البضائع في التجارات مع مراعاة رأس كل حول الذي هو محل الزكاة وبتجنب اعتراض الغرباء المنقطعين ممن تجب الزكاة له لا عليه وكان يحافظ على جانب هذا السلطان العادل الذي قد
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير الجزء : 1 صفحة : 38