اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير الجزء : 1 صفحة : 34
ذكر ما استدرك خبره مما كان غفل
وذلك أنا لما حللنا الإسكندرية في الشهر المؤرخ أولا عاينا مجتمعا من الناس عظيما برزوا لمعاينة أسرى من الروم أدخلوا البلد راكبين على الجمال ووجوهمم إلى أذنابها وحولهم الطبول والأبواق فسألنا عن قصتهم فأخبرنا بأمر تتفطر له الأكباد إشفاقا وجزعا. وذلك أن جملة من نصارى الشام اجتمعوا وأنشأو مراكب في أقرب المواضع التي لهم من بحر القلزم[1] ثم حملوا انقاضها على جمال العرب المجاورين لهم بكراء اتفقوا معهم عليه فلما حصلوا بساحل البحر سمروا مراكبهم وأكملوا انشاءها وتأليفها وفدعوها في البحر وركبوها قاطعين بالحجاج وانتهوا إلى بحر النعم[2] فاحرقوا فيه نحو ستة عشر مركبا. وانتهبوا إلى عيذاب فأخذ وا فيه مركبا كان ياتي بالحجاج من جدة وأخذ وا أيضا في البر قافلة كبيرة تأتي من قوص إلى عيذاب وقتلوا الجميع ولم يحيوا أحد اوأخذ وا مركبين كانا مقبلين بتجار من اليمن واحرقوا اطعمة كثيرة على ذلك السالحل كانت معدة لميرة مكة والمدينة اعزهما الله واحدثوا حوادث شنيعة لم يسمع مثلها في الإسلام ولا انتهى رومي إلى ذلك الموضع قط.
ومن اعظمها حادثة تسد المسامع شناعة وبشاعة وذلك أنهم كانوا عازمين على دخول مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وأخراجه من الضريح المقدس. [1] بحر القلزم: البحر الأحمر. [2] لا ذكر لهذا البحر بين البحور ولعل اسمه محرف.
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير الجزء : 1 صفحة : 34