responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير    الجزء : 1  صفحة : 293
ومن العجب في الاتفاقات في الأسفار البحرية أنا استطلعنا على ظهر البحر أهلة ثلاثة أشهر: هلال رجب وهلال شعبان وهلال رمضان هذا وفي يوم مستهله مع الصباح أبصرنا أمامنا جبل النار وهو جبل البركان المشهور بصقلية فاستبشرنا بذلك والله تعالى يعظم أجورنا على ما كابدناه ويختم لنا بأجمل الصنع وأسناه يوزعنا في كل حال شكر ما أولاه بمنه وكرمه.
ثم حركتنا من ذلك الموضع ريح موافقة فلما كان عشي يوم السبت ثاني الشهر المذكور اشتد هبوبها فزجت المركب تزجيه سريعة فلم يكن إلا كلا ولا حتى أدتنا إلى أول المضيق والليل قد جن وهذا المضيق ينحصر فيه البحر إلى مقدار ستة أميال وأضيق موضع فيه ثلاثة أميال يعترض من بر الأرض الكبيرة إلى بر جزيرة صقلية والبحر بهذا المضيق ينصب انصباب السيل العرم ويغلى غليان المرجل لشدة انحصاره وانضغاطه وشقه صعب على المركب فاستمر مركبنا في سيره والريح الجنوبية تسوقه
سوقا عنيفا وبر الأرض الكبيرة عن يمننا وبر صقلية عن يسارنا.

الإشراف على الغرق
فملا كان مع نصف ليلة الأحد الثالث للشهر المبارك وقد شارفنا مدينة مسينة من الجزيرة المذكورة دهمتنا زعقات البحريين بأن المركب قد أمالته الريح بقوتها إلى أحد البرين وهو ضارب فيه فأمر رئيسهم بحط الشرع للحين فلم ينحط شراع الصاري المعروف بالأردمون وعالجوه فلم يقدروا عليه لشدة ذهاب الريح به فلما أعياهم مزقه الرائس[1] بالسكين قطعا قطعا طمعا في توقيفه، وفي أثناء هذه المحاولة سنح المركب[2] بكلكله على البر والتقاه

[1] الرائس: ربان المركب.
[2] سنح المركب: لصق بالأرض.
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير    الجزء : 1  صفحة : 293
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست