اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير الجزء : 1 صفحة : 278
وترسو فيها وتعترض بين البرجين المذكورين سلسلة عظيمة تمنع عند اعتراضها الداخل والخارج فلا مجال للمراكب إلا عند إزالتها وعلى ذلك الباب حراس وأمناء لا يدخل الداخل ولا يخرج الخارج إلا على أعينهم، فشأن هذه الميناء شأن عجيب في حسن الوضع ولعكة مثلها في الوضع والصفة لكنها لا تحمل السفن الكبار حمل تلك وإنما ترسى خارجها والمراكب الصغار تدخل إليها فالصورية أكمل وأجمل وأحفل.
فكان مقامنا بها أحد عشر يوما دخلناها يوم الخميس وخرجنا منها يوم الأحد الثاني والعشرين لجمادي المذكورة وهو آخر يوم من شتنبر وذلك أن المركب الذي كنا املنا الركوب فيه استصغرناه فلم نر الركوب فيه.
عرس إفرنجي في صور
ومن مشاهد زخارف الدنيا المحدث بها زفاف عروس شاهدناه بصور في أحد الأيام عند مينائها وقد احتفل لذلك جميع النصارى رجالا ونساء واصطفوا سماطين عند باب العروس المهداة والبوقات تضرب والمزامير وجميع الآلات اللهوية حتى خرجت تتهادى بين رجلين يمسكانها من يمين وشمال كأنهما من ذوي أرحامها، وهي في أبهى زي وأفخر لباس تسحب أذيال الحرير المذهب سحبا عل الهيئة المعهودة من لباسهم وعلى رأسها عصابة ذهب قد حفت بشبكة ذهب منسوجة وعلى لبتها مثل ذلك منتظم وهي رافلة في حليها وحللها تمشى فترا في فتر مشي الحمامة أو سير الغمامة نعوذ بالله من فتنة المناظر وأمامها جلة رجالها من النصارى في أفخر ملابسهم البهية تسحب أذيالها خلفهم ووراءها أكفاؤها ونظراؤها من النصرانيات يتهادين في أنفس الملابس ويرفلن في أرفل الحلى والآلات اللهوية قد تقدمتهم، والمسلمون وسائر النصارى من النظار قد عادوا في طريقهم سماطين
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير الجزء : 1 صفحة : 278