اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير الجزء : 1 صفحة : 279
يتطلعون فيهم ولا ينكرون عليهم ذلك فساروا بها حتى أدخلوها دار بعلها وأقاموا يومهم ذلك في وليمة فأدانا الاتفاق إلى رؤية هذا المنظر الزخرفي المستعاذ بالله من الفتنة فيه.
مسلمو عكة
ثم عدنا إلى عكة في البحر وحللناها صبيحة يوم الإثنين الثالث والعشرين من جمادي المذكورة وأول يوم من شهر أكتوبر [1] واكترينا في مركب كير نروم الاقلاع إلى مسينة من بلاد جزيرة صقلية والله تعالى كفيل بالتيسير والتسهيل بعزته وقدرته. وكانت راحتنا مدة مقامنا بصور بمسجد بقى بأيدي المسلمين. ولهم فيها مساجد أخر فأعلمنا به أحد أشياخ أهل صور من المسلمين أنها أخذت منهم سنة ثمان عشرة وخمسمائة وأخذت عكة قبلها باثنتي عشرة سنة بعد محاصرة طويلة وبعد استيلاء المسغبة[2] عليهم ذكر لنا أنهم انتهوا منها لحال نعوذ بالله منها وأنهم حملتهم الأنفة على أن هموا بركوب خطة عصمهم الله منها, وذلك أنهم عزموا على أن يجمعوا أهاليهم وأبناءهم في المسجد الجامع ويحملوا السيف عليهم غيرة من تملك النصارى لهم ثم يخرجوا إلى عدوهم بعزمة نافذة ويصدموهم صدمة صادقة حتى يموتوا على دم واحد ويقضي الله قضاءه فمنعهم من ذلك فقهاؤهم والمتورعون منهم وأجمعوا على دفع البلد والخروج منه بسلام فكان ذلك وتفرقوا في بلاد المسلمين. ومنهم من استهواه حب الوطن فدعاه إلى الرجوع والسكنى بينهم بعد أمان كتب لهم في ذلك بشروط اشترطوها والله غالب على أمره سبحانه جلت قدرته ونفذت في البرية مشيئته، وليست له عند الله معذرة في حلول بلدة من بلاد الكفر إلا مجتازا وهو يجد ندوحة في بلاد المسلمين لمشقات وأهوال يعانيها في [1] أكتوبر: تشرين الأول. [2] المسغبة: الجوع.
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير الجزء : 1 صفحة : 279