responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير    الجزء : 1  صفحة : 269
فبماذا يخاطبون سلاطينهم ويعاملونهم؟ لقدت تساوت الأذناب عندهم والرؤوس ولم يميز لديهم الرئيس والمرؤوس فسبحان خالق الخلق أطوارا لا شريك له ولا معبود سواه.
ومن عجيب حال الصغير عندهم والكبير بجميع هذه الجهات كلها انهم يشمون وأيديهم إلى خلف قابضين بألواح دى على الأخرى ويركعون للسلام على تلك الحالة الشبهة بأحوال العناة[1] مهانة واستكانة كأنهم قد سيموا تعنيفا وأوثقوا تكتيفا وهم يعتقدون تلك الهيئة تمييزا لهم في ذوي الخصوصية وتشريفا ويزعمون انهم يجدون بها نشاطا في الأعضاء وراحة من الاعياء والمحتشم منهم من يسحب ذيله على الأرض شبرا أو يضع خلفه اليد الواحدة على الأخرى قد اتخذوا هذه المشية بينهم سننا وكل منهم قد زين له سوء عمله فرآه حسنا، استغفر الله منهم فإن لهم من آداب المصافحة عوائد تجدد لهم الإيمان وتستوهب لهم من الله الغفران لما بشر به الحديث المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المصافحة فهم يستعملونها إثر الصلوات ولا سيما إثر صلاة الصبح وصلاة العصر.
وإذا سلم الإمام وفرغ من الدعاء أقبلوا عليه بالمصافحة أقبل بعضهم على بعض يصافح المرء عن يمينه وعن يساره فيتفرقون عن مجلس مغفرة بفضل الله عز وجل، وقد تقدم الذكر فيم سلف من هذه التقييد انهم يتسعملونها عند رؤية الأهلة ويدعو بعضهم لبعض بتعرف بركة ذلك الشهر ويمنه واستصحاب السعادة والخير فيه وفيما يعود عليه من امثاله وتلك أيضا طريقة حسنة ينفعهم الله بها لما فيها من تعاطي الدعوات وتجديد المودات ومصافحة المؤمنين بعضهم بعضا رحمة من الله تعالى ونعمة.

[1] العناة: الأسرى، الواحد عان.
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير    الجزء : 1  صفحة : 269
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست