responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير    الجزء : 1  صفحة : 268
فخره أو شرفه أو معينه أو محييه أو زكيه أو نجيبه إلى مالا غاية له من هذه الألفاظ الموضوعة وتتبعها ولا سيما في الفقهاء بما شئت أيضا من سيد العلماء وجمال الأئمة وحجة الإسلام وفخر الشريعة وشرف الملة ومفتى الفريقين إلى ما لا نهاية له من هذه الألفاظ المحالية. فيصعد كل واحد منهم إلى الشريعة ساحبا أذياله من الكبر ثانيا عطفه وقذاله[1] فإذا استكملوا وفرغوا من القراءة وانتهى المجلس بهم منتهاه قام وعاظهم واحدا واحدا بسحب رتبهم في المعرفة فوعظ وذكر ونبه على خدع الدنيا وحذر واشند في المعنى ما حضر من الأشعار ثم ختم بتعزية صاحب المصاب والدعاء له وللمتوفى ثم قعد وتلاه آخر على مثل طريقته إلى أن يفرغوا ويتفرقوا فربما كان مجلسا نفاعا لمن يحضره من الذكرى.
ومخاطبة أهل هذه الجهات قاطبة بعضهم لبعض بالتمويل والتسويد[2] وبامتثال الخدمة وتعظيم الحضرة وإذا لقى أحد منهم آخر مسلما يقول جاء المملوك أو الخادم برسم الخدمة كناية عن السلام فيتعاطون المحال تعاطيا والحد عندهم عنقاء مغرب[3] وصفة سلامهم إيماء للركوع أو السجود فترى الأعناق تتلاعب بين رفع وخفض وبسط وقبض وربما طالت بهم الحالة في ذلك فواحد ينحط وآخر يقوم وعمائمهم تهوى بينهم هويا. وهذه الحالة من الانعكاف الركوعي في السلام كنا عهدناه لقينات النساء وعند استعراض رقيق الإماء فيا عجبا لهؤلاء الرجال كيف تحلوا بسمات ربا الحجال قد ابتذلوا انفسهم فيما تأنف النفوس الأبية منه استعملوا تكفير الذمي المنهي في الشرع عنه لهم في هذا الشأن طرائق عجيبة في الباطل فيا للعجب منهم إذا تعاملوا بهذه المعاملة وانتهوا إلى هذه الغاية في الألفاظ بينهم

[1] القذال: ما بين الأذنين من مؤخر الرأس.
[2] بالتمويل والتسويد أي بقول يا مولاي ويا سيدي.
[3] العنقاء: طائر خرافي، أي أن الجد عندهم غير موجود.
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير    الجزء : 1  صفحة : 268
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست