قال أبو بكر: مما بحران مأخوذة إلا من قولهم بحرت الناقة إذا شققت أذنيها والبحيرة مشقوقة الأذنين. قوله تعالى: ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة، وهي الناقة التي وهبت عشرة بطون فلم تركب ولا يجز لها وبر، ولا وصيلة والوصيلة الشاة إذا وهبت ستة بطون عناقين وولدت في السابع عناقاً وجديا فيقال وصلت أخاها يحلبون لبنها للرجال دون النساء، ولا حام، فهو الفحل من الإبل إذا ولدُه ولدَه فلا يركب ولا يجز له وبر ولا يمنع من مرعى والله اعلم.
القول في زوال ملك آل حمزة
وحصولها لبني الهادي 00000000000
فصل
ويسمى الفحل عند العرب العر ورهانه إنّه إذا أوجعه موضع أو ثار عليه هواء أو داء يحتاج الكي يؤخذ بعير غيره يكوى فوق الريح ويكون العر واقفه تحت الريح يصل روائح حرق الكي إلى العر فحينئذ يبرأ من دائه ويصح، وكما قال النابغة:
وحمدتني ذنب أمرء وتركته ... كذى العر يكوى غيره وهو راتع
ولِمَ لا يكون لحليب الإبل زبد؟ حدثتني فاطمة بنت علي بن مسعود قالت: سألت امرأة مويلية من أهل اليمن عن هذه قالت: إنّ الأوائل كانوا يستخرجون الزبد من ألبان الإبل ثم قالوا: نتركه. قال لأن امرأة خاصمت ولدها فتعاطى الولد إلى الخذف فخذف الصبي حجرا إلى صوب أمه وكان في يد الأم كبة زبد من حليب النوق فرجمت بها ولدها فوقعت كبة الزبد وهي جامدة كالحجر على مقتل الصبي فمات، فلما جرى هذا الأمر نادت مشايخ العرب في قبائلها على ترك مخض لبن النوق بالمرة، فقالوا: نتركه إلى الآن. وقال حكيم: إذا دهن زيد رأسه من دهن الإبل لم يقلعه شيء، ولم يتنظف الشعر إلا إذا حلق الشعر لأنّه غليظ بالمرة.
ذكر الطريق إلى الرضراض
كان من نجران إلى البصرة طريق الرضراض وكان المسافة فيما بين هاتين المدينتين سبعة أيام. وقد بني على حدّ كل فرسخ منه ميل بالآجر والجص من بناء عمرو بن معدي كرب الزبيدي، والأصح من بناء النعمان بن المنذر لمّا خرج من أرض اليمن طالب العراق، والأصح إنّه بناء سيف بن ذي يزن لمّا خرج إلى ناحية العراق واستنجد بكسرى بن قباذ بن يزدجرد بن هرمز ملك من ملوك الفرس، والأصح إنّما بنته عرب جاهلية لمّا سكنوا أرض نجد لأنهم كانوا في تلك الديار شبه السوس في الأرض والناموس الحفر. وإما المناهل التي كانت في المنازل قديمة الحفر. وبنوا البنيان قصور من باب صنعاء إلى العراق واحد في حد الآخر. فإذا كان خوف في اليمن أو فرح حسن أشعل على أعلى ذروة كل قصر وكان يبصروه في ذروة قصر في نواس تفيل عجيب فكان يبصروه في حصن قرن الجند ومنه كان يدخل نجد. وقد بنى في نجد قصر ولعان وفي الصعيد من أعمال صعدة وكان يشغل في ولعان وكان يبصره في قصر فوق الخبت ومنه كان يدخل نجد. وقد بنى قصر في قرب آخر من أعمال العراق فكان إذا اصبح الصباح يصبح الخبر عند أهل البلاد بما نجز من خير وشر ونفع وضر، كما قال:
يبلغ الصارخ العراق بيوم ... وفي مدى ليلة تأتي المغير
ذكر انقطاع طريق الرضراض