وجد زيد البدوي عمرو القرقري قاطنا في فلاة نجد مع البدوان فقال زيد لعمرو: ما لي أراك في جنوب نجد؟ بعد أن كنت في أكناف قرقر بألف غزور غدوت الآن أراك رد الشرد فأنشد عمرو القرقري يقول:
أحب دخول بين أدوار قرقر ... ويمنعني دين علي ثقيل
وأو كان ديني ينقضي لقضيته ... ولكن دين القرقري قتيل
وكان يقوم تحت قرقر سوق تسمى العمدين وما عرف هذا السوق بهذا الاسم إلا إنّ مشايخ العرب كانت تقيم بهذه السوق عامود ذهب وعامود فضة يعرف السوق بهما، ورجع الآن سوقا للعمل بين أرض قفر تزرع به وتحرث، فراح الجسم وبقى الاسم. ولاتها قوم يقال لهم بنو عبد المان وهم قوم شداد بن عاد اللين القياد ذو الجياد. وفيه أنشد بعض العرب يقول:
ولولا بنو عبد المدان وخيلها ... لحلك يا نجران بعض القبائل
وقال آخر:
00 - ألست تعلم إنّ قلبي ... يحبك أيها البرق اليماني
لإن أقتلكم قتلا دينا ... فلا شيخ يدب على البنان
وإن أقتل فمقدور ولست ... وفي قومي على سرج الحصان
وإن أقتل فقد قتلت قريش ... وقد قتلت بنو عبد المدان
والقوم لا يطيعون لملك الغز ولا لسلاطين العرب، وآخر من تولى من بني عبد المدان أخوان يقال لأحدهما القاضي وللثاني القاضي. وفي عهدهم دخلت عليهم يد الأمير محمّد بن عبد الله بن حمزة معهم حتى صار يصل إليهم نصف دخول البلاد لان الأمير محمّد بن عبد الله وأخاه أحمد ولدي عبد الله بن حمزة تزوجا بأخوات القاضي والقاضي أبني صعيب بن عدنان أبن عبد المدان سنة ثلاث وعشرون وستمائة.
صفة بئر الصفر
أمر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يحفر بئرا في بعض أعمالها ذات غمق وسعة وطول وعرض وأن يطوى بالصفر المصبوغ منه شبه الآجر ويسبك فيما بينه الرصاص، فبنى البئر على ما تقدم ذكره وهو باق على حاله. ويقال ما بناه إلا رجل من وجوه العرب في زمن الجاهلية فاندثر واستتر مع طول المدى، فأمر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأعاد بناءه فبقي على ما تقدم ذكره. والبئر من جملة العجائب.
صفة نجران تهامة
من حرض إلى قرار ثلاثة فراسخ. وإلى نجران فرسخين، وهي قرية مختصرة ويسكن أهلوها في أغصاص بعكس بعض وهم في التغصص يتجرعون الغصص ويقرون القصص. وإلى الحاوة ثلاثة فراسخ. وإلى حدب أربع فراسخ. فان قال قائل: كيف يفرق بين السمين؟ قلنا: هذه قرية مختصرة تحت تهامة اليمن خربة والثانية إقليم طويل عريض عامر تحت من شمال نجد اليمن وسرير ملكها، فهذا غلام وذاك سلطان وهذا كرة وهذاك ميدان. ويسمى إقليم نجران وادي سوحان. قال أبن المجاور: دل على إنّ هذا الأقاليم بناه العجم لن دار بهمن بن اسفنديار في أعمال المدائن قصبة تسمى دار ريحان ولا شك إنّه هو الذي بنى هذا الوادي ويسمى على الاسم المقدم ذكره في أعمال المدائن سوحان. وفيه أنشد رميم بن جابر:
شبهتها قوس شريان مجزعة ... مما يلذ بها الرامي فيحيها
شبهتها مهرة عذراً محجلة ... عند الملوك ليوم الروع ساريها
شبهتها جونة مال النسيم بها ... الطل من فوقها والنهر يسقيها
ووادي العلائم كما قال بعضهم: وبالنجران وادي الخسف ووادي العلام. قال أبن مجاور: وما اشتق اسم الخسف إلا من الخصب وأراد بذلك وادي الرفاء ويهيب بها ريح الطرف مدة أثنى عشر ليلة فيهلك الزرع والكروم، وفيه بعض الأعراب يقول:
وقد سلمت نجران في الطرف لم يزل ... ببحران منها قبة وعروش
وبعضهم ينشد لرميم بن جابر:
وليلة من ليالي الطرف مظلمة ... سودا جمادية قد بت أسرابها
فصل