فلما رجعت الدولة لآل أيوب ضربوا الدراهم الكبار ويقال أول من ضرب هذا الدرهم الكبير بها المعز إسماعيل بن طغنكين في اليمن. وأول من ضرب الدراهم الكبار بمكة الملك المسعود يوسف بن محمد على قوانين اليمن يسوى الدينار المصري أربعة دنانير ونصف ملكي يصبح ثمان عشرة درهما يحسب كل أربعة دراهم دنانير دينار مكي، وكل درهم ثلث جوز كل جائز ثمان فلوس وكل فلس أربع درس. قال أبن مجاور: وكل ما كان يصح في أول العهد بعلوي رجع ذلك الشيء بدرهم كبير. والرطل مائة وثلاثون درهما وهو ستة أواق يحسب كل أوقية أحد وعشرون درهما وثلث وبه يباع جميع الحاوئج والعطر. ومن اليمن ثلاثمائة وعشرين درهما وبه يباع الثياب والسكر والعسل وجميع الحوائج الحلوة، ومن اللحم أربعمائة درهما وبه يباع اللحم والشحم والهريسة والمجبنة والألية، ومن السمن ثمانمائة درهما وبه يباع السمن والزيت والخل والشيرج. والذراع اليد في أيام الموسم وأيام الصدقة وإذا كان بعد الموسم بمدة شهر كامل زيد في الذراع وفي سنة أثنين وعشرين وستمائة زيد في الذراع ورجع الذراع على ذراع مصر. وكانت صنجة مكة في بغداد تصج المائة خمسة وتسعين ديناراً، فلما تولى ملك الحجاز طغتكين الكاملي نقص المائة الدينار فصار الآن تصح المائة المكية ببغداد أربعة وتسعين ديناراً. وجميع ما يباع بمكة مقايضة كج بكج. ويباع الحنطة وسائر الحبوب بالصاع ويحسب الصاع أربعة إمداد وكل مد أربعة أرباع الرطل. ويباع الادم بالبيعة كل بيعة مائة من يصح الحمل بيعتين ونصف. ويحسب العوار ثلاثة أضعاف: عوار الذي يكون في أوسط الطاق خدش سكين في رقبة الطاق، والثاني الشعراني وهو الذي يكون في الشعر، والمقفع يكون قد تقفح الكيمخت من على الجلد، وكذلك اليابس من الدهن والخفيف والأسود. والأديم الجيد وهو الثقيل النقي الطاهر عتابي الوجه مشتبك بعضه ببعض مبرأ من العيوب التي ذكرناها.
قال أبن المجاور: هذا في اليمن ونواحيها يكون يسوي كل مائة من بخوارزم على الصفة التي ذكرنا سبعين دينارا. ويدبغ الأديم في جميع أقاليم اليمن والحجاز ونواحيها ويبيعوه طاقاتٍ بالعدد وكذلك الحبشة وأعمالها ويسموه العجم أديم خوش وفي كشك من أعمال الهند كذلك. وما تدبغ الأديم إلا بالقرظ، ويدبغ في مكة جلود الجمال والبقر والغزلان وكان مسافرو خراسان يشترون جلود البغال الفحولة من رستاق الموصل وسواد إربل وتدبغ في مكة، وقد بطل جميع ذلك من سنة عشر وستمائة لظهور الكافر بخرسان والري. والأديم الخفيف يصلح للعراق والشام لأنهم ينشرون الطاق حتى يجعلوه على الكيمخت، وما يريدون في خوارزم وخرسان إلا الأديم الثقيل لأنهم يبطنون به الخف. ويقال في الأثمان يسوي الخوارزمي وألفا أربع دوانيق ربكبه وخفه عشر دنانير وكذلك الروم. ويقال إن الصديق بمنزلة الرأس والعدو بمنزلة الرجل ولأجل ذلك لبست أهل هذه النواحي أرجلهم أجود ما يكون من الملابس. حدثني محمد بن رزق الله قال لي: هل ترون في خراسان كوكب سهيل؟ قالت: لا والله! قال: لهذا لم يصح لهم دباغة الأديم. قالت: وكيف ذاك؟ قال: كل إقليم يطلع عليه وفيه سهيل يصح فيه دباغة الأديم لأنه يحمره ويصيره إلى ما ترى من الليونة والنعومة.
من مكة إلى المدينة
على طريق بني عصية وهم الرو. من مكة إلى بطن مر أربع فراسخ وهو واد طيب وبنى فيه بعض أمراء مكة من الشرق قصراً وهو الآن خراب. وإلى الهدى أربع فراسخ وإلى برزة أربع فراسخ وإلى شابة أربع فراسخ وإلى المدينة قدر أربع فراسخ. وإلى هجر سبع فراسخ أرض عزة وهي أرض بني سليم التي فتحها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. ذكر فتح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب هذه الجبال