اسم الکتاب : النفحة المسكية فى الرحلة المكية المؤلف : السُّوَيْدي الجزء : 1 صفحة : 69
التدريس العام. وهذه المدرسة على كتف دجلة في الجانب الغربي، «1» شرقي جامع القمرية، بفتح القاف والميم ملاصقة له، فأمرني الشيخ- رحمه الله- بحفظ الأجرومية متنا وإعراب أمثلتها، فحفظتها وأتقنتها غاية الإتقان، فكان إذا وقف أحد من الطلبة في إعراب بيت أو مثال، يقول: سلوا الأسد، يعنيني، رحمه الله. هذا وفي أوان اشتغالي كان إخوتي يتعاطون أمور الدنيا، وكانت والدتي- رحمها الله- بلهاء، وكان نساء المحلة يضحكن عليها، يقلن لها: أيش ينفعك العلم، وأنت امرأة أرملة، وابنك الكبير لا يساعدك في شيء؟ فكانت- رحمها الله- تقول: يا ولدي! نحن فقراء، وأنتم أيتام. هب أن عمّك يطعمك فمن يكسوك، وأنا لا أصغي لها، حتى ألحت (5 أ) علي في ذلك وقطعت كسوتها عني، كل هذا نشأ من بلهها وإغراء نساء الجيران إيّاها، وإلّا فهي في حد ذاتها مباركة، رحمة الله عليها. فبقيت أيام الطلب في غاية الاحتياج بحيث إني لا أجد ما أشتري به شمعا أو شيرجا لمطالعة دروسي، وكنت أطالع على ضوء القمر وعلى سرج السوق أيام مبيتي في المدرسة المرجانية «2» وبقيت مدة مديدة ما أكلت لحما، لأني وقت العصر آخذ من بيت
اسم الکتاب : النفحة المسكية فى الرحلة المكية المؤلف : السُّوَيْدي الجزء : 1 صفحة : 69