responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المؤلف : المقريزي    الجزء : 1  صفحة : 37
الأرض يقطنون فيه فرارا من بني أبيهم فلم يزالوا يمشون حتى وصلوا إلى النيل، فأطالوا المشي عليه فلما رأوا سعة البلد فيه وحسنه أعجبهم وقالوا: هذه بلد زرع، وعمارة فأقطنوا فيه، واستوطنوا وبنوا فيه الأبنية المحكمة، والصنائع العجيبة.
وبنى نقراوس مصر وسماها باسم أبيه مصريم وكان نقراوس جبارا له قوّة، وكان مع ذلك عالما وله ائتمر الجنّ في هلاك بني أبيه ولم يزل مطاعا وقد كان وقع إليه من العلوم التي كان زواميل علمها لآدم عليه السلام ما قهر به الجبابرة الذين كانوا قبله وملوكهم، ثم أمر حين ملك ببناء مدينة في موضع خيمته فقطعوا له الصخور من الجبال، وأثاروا معادن الرصاص وبنوا مدينة سماها: أمسوس وأقاموا فيها أعلاما طول كل لم منها: مائة ذراع وزرعوا وعمروا الأرض، ثم أمرهم ببناء المدائن، والقرى وأسكن كل ناحية من الأرض من رأى ثم حفروا النيل حتى أجروا ماءه إليهم ولم يكن قبل ذلك معتدل الجري إنما كان ينبطح ويتفرّق في الأرض حتى يتوجه إلى النوبة فهندسوه وساقوا منه أنهارا إلى مواضع كثيرة من مدنهم التي بنوها، وساقوا منه نهرا إلى مدينتهم أمسوس يجري في وسطها، ثم سميت مصر بعد الطوفان بمصر بن بنصر بن حام بن نوح وذلك أن قليمون الكاهن خرج من مصر ولحق بنوح عليه السلام وآمن به هو وأهله وولده وتلامذته وركب معه في السفينة، وزوّج ابنته من بنصر بن حام بن نوح فلما خرج نوح من السفينة وقسم الأرض بين أولاده، وكانت ابنة قليمون قد ولدت لبنصر ولد أسماه مصرايم، فقال قليمون لنوح: ابعث معي يا نبيّ الله ابني حتى أمضي به بلدي، وأظهره على كنوزي وأوقفه على علومه ورموزه فأنفذه معه في جماعة من أهل بيته وكان غلاما مرفها فلما قرب من مصر بنى له عريشا من أغصان الشجر، وستره بحشيش الأرض ثم بنى له بعد ذلك في هذا الموضع مدينة وسماها: درسان أي باب الجنة، فزرعوا وغرسوا الأشجار والأجنة من درسان إلى البحر فصارت هناك زروع وأجنة وعمارة وكان الذي مع مصرايم جبابرة فقطعوا الصخور وبنوا المعالم والمصانع وأقاموا في أرغد عيش ويقال: إن أهل مصر أقاموا عليهم مصرايم بن بنصر ملكا في أيام تالغ بن عابر بن شامخ بن أرفخشد بن سام بن نوح فملك مصر وهي مدينة منيعة على النيل وسماها باسمه ويقال: إن مصرايم غرس الأشجار بيده وكانت ثمارها عظيمة بحيث يشق الأترجة نصفين فيحمل على البعير نصفها وكان القثاء في طول أربعة عشر شبرا ويقال: إنه أوّل من صنع السفن بالنيل وإنّ أوّل سفينة كانت ثلثمائة ذراع طولا في عرض مائة ذراع.
ويقال: إن مصرايم نكح امرأة من بني الكهنة فولدت له ولدا فسماه قبطيم، ونكح قبطيم بعد سبعين سنة من عمره امرأة ولدت له أربعة نفر: قبطيم، وأشمون، وأتريب، وصا، فكثروا وعمروا الأرض وبورك لهم فيها وقيل: إنه كان عدد من وصل معهم ثلاثين رجلا فبنوا مدينة سموها نافة ومعنى نافة ثلاثون بلغتهم وهي (منف) وكشف أصحاب قليمون الكاهن عن كنوز مصر وعلومهم وأثاروا المعادن، وعلومهم علم الطلسمات

اسم الکتاب : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المؤلف : المقريزي    الجزء : 1  صفحة : 37
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست