اسم الکتاب : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المؤلف : المقريزي الجزء : 1 صفحة : 36
ذلك بسبعة أيام حتى لا يمكن أحد يسمع صوته لأنه يغلب على قلبه من حسن صوته ما يميت السامع وأنه يدركه قبل موته بأيام طرب عظيم وسرور فلا يهدأ من الصياح، وزعموا أن عامل الموسيقى من الفلاسفة أراد أن يسمع صوت قفنس في تلك الحال فخشي إن هجم عليه أن يقتله حسن صوته فسدّ أذنيه سدّا محكما ثم قرب إليه فجعل يفتح من أذنيه شيئا بعد شيء حتى استكمل فتح الأذنين في ثلاثة أيام يريد أن يتوصل إلى سماعه رتبة بعد رتبة فلا يبغته حسنه في أوّل مرّة فيأتي عليه، وزعموا: أن ذلك الطائر هلك ولم يبق منه ولا من فراخه شيء بسبب هجوم ماء البحر عليه، وعلى رهطه بالليل في الأوكار فلم يبق له بقية، ويقال: إن بعض الفلاسفة أراد ملك من الملوك قتله فأعطاه قدحا فيه سمّ ليشربه فأعلمه بذلك فظهر منه مسرّة وفرح فقال له: ما هذا أيها الحكيم؟ فقال: هل أعجز أن أكون مثل قفنس.
ذكر اشتقاق مصر ومعناها وتعداد أسمائها
ويقال: كان اسمها في الدهر الأوّل قبل الطوفان جزلة، ثم سميت مصر، وقد اختلف أهل العلم في المعنى الذي من أجله سميت هذه الأرض بمصر فقال قوم: سميت بمصر ابن مركابيل بن دوابيل بن عرياب بن آدم وهو مصر الأوّل. وقيل: بل سميت بمصر الثاني وهو مصرام بن يعراوش الجبار بن مصريم الأوّل وبه سمي مصر بن بنصر بن حام بعد الطوفان، وقيل: بل سميت بمصر الثالث وهو مصر بن بنصر بن حام بن نوح وهو اسم أعجميّ لا ينصرف. وقال آخرون: هي اسم عربيّ مشتق فأمّا من ذهب إلى أنّ مصر اسم أعجميّ فإنه استدل بما رواه أهل العلم بالأخبار من نزول مصر بن بنصر بهذه الأرض وقسمها بين أولاده فعرفت به اه.
وذكر الحسن بن أحمد الهمداني «1» : أنّ مصر بن حام وهو مصريم، وقيل: أنّ بنصر بن هرمس بن هردوس جدّ الإسكندر قال: ونكح لوما بن حام بنت شاويل بن يافث بن نوح فولدت له بوقير وقبط أبا القبط قبط مصر، ومن ههنا أن مصر بن حام وإنما هو مصر بن هرمس بن هردش بن بيطون بن روي بن ليطي بن يونان وبه سميت مصر فهي مقدونية.
وذكر أبو الحسن المسعوديّ «2» في كتاب أخبار الزمان: أنّ بني آدم لما تحاسدوا وبغى عليهم بنو أقابيل بن آدم ركب نقراوس الجبار ابن مصريم ابن مركابيل بن دوابيل بن عرياب بن آدم عليه السلام في نيف وسبعين راكبا من بني عرياب جبابرة كلهم يطلبون موضعا من
اسم الکتاب : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المؤلف : المقريزي الجزء : 1 صفحة : 36