اسم الکتاب : المسالك والممالك المؤلف : البكري، أبو عبيد الجزء : 1 صفحة : 350
ولمّا طال البلاء على أهل اليمن مشوا إلى سيف بن ذي يزن الحميري فقالوا له: نجد خبرا عن سطيح أنّ هذا البلاء يفرج على يدي رجل من أهل بيت ذي يزن، وقد رجونا أن ندرك بثأرنا. فأنعم لهم بالخروج، فخرج إلى قيصر ملك الروم وكلّمه أن ينصره على الحبشة، فأبى وقال: هم على ديني وأنتم على دين يهود. فخرج من عنده مؤيّسا من نصرته وسار إلى كسرى. فانتهى الى النعمان بن المنذر بالحيرة فدخل عليه فأخبره بما لقي قومه من الحبشة، فقال له: أقم فإنّ لي من كسرى أذنا في كلّ سنة، وقد حان ذلك. فخرج وأخرج معه سيف بن ذي يزن فأدخله على كسرى، فشكا إليه الحبشة فقال: غلبونا على بلادنا واستعبدنا السودان. فقال له كسرى: بلادك بعيدة ولا أرسل معك جيشا في غير منفعة، فأيأسه «1» من النصرة وأمر له بعشرة آلاف [درهم] «2» وكساه كساء. فلمّا خرج بها من باب كسرى نثرها بين العبيد والخدم، فبلغ ذلك كسرى فأمر بصرفه إليه وقال: ما حملك أن تصنع بجائزة الملك ما صنعت؟ فقال سيف: جبال أرضي «3» ذهب وفضّة، وإنّما جئت إلى الملك ليمنعني من الضيم ولم آته ليعطيني الدراهم، ولو أردت المال كان ذلك عندي كثيرا. فقال كسرى: أنظر في أمرك.
589 قال المسعودي: فتشاغل عنه. قال المؤلّف شغل عنه بحرب الروم وغيرها إلى أن هلك سيف، فأتى معدي كرب بن سيف يستنجز منه عدته لأبيه. هذا قول أبي الحسن المسعودي، والجمهور على خلافه من أنّ سيف بن ذي يزن هو الّذي أباد الحبشة وتملّك اليمن. قال: فوجّه معه كسرى وهرز الديلمي، وكان راميا شجاعا، مع ما كان في بلاده من أهل السجون، وقال: إن هلكوا فلنا وإن فتحوا فلنا. فحملوا في السفن في «4» دجلة ومعهم خيولهم
اسم الکتاب : المسالك والممالك المؤلف : البكري، أبو عبيد الجزء : 1 صفحة : 350