اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 466
منها وباقيها طويل مثل الحية في طول عشرين ذراعاً، ولها أرجل كثيرة كأمثال المنشار، وصدرها إلى آخر ذنبها لا يمر بشيء إلا أهلكه.
ومن هذا البحر يخرج العنبر الكثير الطيب الرائحة وقد توجد فيه العنبرة نحو قنطار، وأكثر وأقل، وهو شيء تقذف به عيون في قعر البحر مثل ما تقذف عيون هيت بالنفط، فإذا اشتد هيجان البحر بالريح رمى به إلى الساحل، وقد وهم من قال إنه رجيع دابة وإنما هو ما ذكرناه، وقد بعث الرشيد إلى البحر قوماً يبحثون عن العنبر ما هو، فأخبر أهل عدن وغيرها أنه شيء تقذف به عيون في البحر.
القطيعة:
في الشام، بينها وبين دمشق أربعة وعشرون ميلاً، وعابث علي بن عبيدة صديقاً له من أهل القطيعة فقال: واعجبا، أعانتك علي القطيعة، وأنت من أهل القطيعة. وفي بغداد قطائع كثيرة [1] .
قلشانة [2] :
في إفريقية وهي موضع المعرس لمن خرج من القيروان إلى قابس، وبينها وبين القيروان اثنا عشر ميَلاً وهي كبيرة آهلة بها جامع وحمّام ونحو عشرين فندقاً، وهي كثيرة البساتين وشجر التين، وأكثر تين القيروان الأخضر منها. وأسوارها قصار، وفعلوا ذلك خوفاً من نزول العمال والجباة.
وقلشانة [3] أيضاً بالسين والشين في الأندلس من كورة شذونة، وهي مدينة سهلية على وادي لكه وهو بقبليّها ويصب فيه على مقربة منها نهر بوطة، وموقعه في نهر لكه، ولها قصبة مشرفة بغربيها، ويفتح بابها إلى القبلة، وفي المدينة جامع حسن البناء فيه ست بلاطات، بناه الإمام عبد الرحمن بن محمد. وقلشانة متوسطة لمدن كور شذونة، وبها كان قرار العمال والقواد على شذونة، ومدينتها الأولية المذكورة في كتب القياصرة مدينة شذونة التي تعرف في عصرنا بمدينة ابن السليم [4] وبنو السُلَيم قد انضووا إليها عند خراب مدينة قلشانة، وصاروا فيها، وبين قلشانة ومدينة ابن السليم خمسة وعشرون ميلاً، وهي بين الغرب والقبلة من قلشانة. وتعمل في قلشانة ثياب تعرف بالقلشانيّة مخترعة الصنعة غريبة العمل. القل[5] :
بينها وبين جيجل سبعون ميلاً، ومنها إلى قسنطينة مرحلتان، والقل مدينة عامرة صغيرة، وهي الآن مرسى وعليه عمارات، والجبال تكنفه من جهة البرّ.
القلزم [6] :
مدينة من أعمال مصر على ساحل البحر، وبها يعرف البحر فيقال بحر القلزم، وبها المراكب للتجار، وسمي القلزم لأنه في مضايق بين جبال، والقلازم: الدواهي والمضايق، وهي مدينة صغيرة متقنة البناء ليس فيها زرع ولا شجر، وإنما تمار من أرض مصر، ويضيق عندها البحر حتى يأتي كالنهر، ويمر كذلك دون مدينة القلزم إلى الشمال عشرة أميال وينقطع، وشرب أهل مدينة القلزم من جزيرة هناك ومن السويس يجلب على الظهر، وهي بئر بطريق مصر على ثلاثة أميال من مدينة القلزم ومن أمثالهم: أكلُ لحم التيس وشربُ ماء السويس، مع العقل ليس. ومن أعاجيبها أن معزها مرسلة في السكك لا مراعي لها ولا أكل إلا التراب، وهي سمان فائقة السمن، ومن أعاجيبها أن في ربض النصارى منها مسجداً في وسطه اسطوانة يأخذ الرقاصون منها زنة الحبة ونحوها ويُحْرز في جلد فلا تؤذيه دابة من دواب البحر، والرقاصون يراعون ذلك مراعاة شديدة ولا يشكون فيه ولا يخلون منه ويزعمون أن القرش إذا قابل في البحر تلك الاسطوانة انقلب على ظهره، وربما هلك فرماه البحر ميتاً، وطول هذا البحر من القلزم إلى الواقواق أربعة آلاف وخمسمائة فرسخ [7] ، وقد رام بعضهم فيما سلف أن يوصل بين بحر القلزم وبحر الروم حرصاً على عمارة الأرض وخصب البلاد ومنافع العباد فمنع من ذلك خشية تنوصل الروم بسبب ذلك إلى غزو الحجاز.
وفي بحر القلزم [8] جبال عالية فوق الماء وتروش طافية ومخفية [1] عد ياقوت عدة قطائع، مضافة، ولكنه لم يذكر قطيعة بالشام؛ وقد ذكر اليعقوبي: 325، والمسعودي في التنبيه: 306 القطيفة وقال الأول: وبها منازل هشام بن عبد الملك ومنها إلى دمشق؛ وقال الثاني: وهلك يزيد بحوارين من أرض دمشق مما يلي قارا والقطيفة (وكانت في أصول التنبيه القطيعة، وفغيرها المحقق) ؛ وأما علي بن عبيدة فلعله المشهور بالريحاني، ولا أدري له علاقة بدمشق. [2] البكري: 29. [3] بروفنسال: 162، والترجمة: 195 (Calsena) . [4] مدينة ابن السليم Medinaceli. [5] قارن بالإدريسي (د) 102 - 103، والاستبصار: 127. [6] انظر خطط المقريزي 1: 213، وابن حوقل: 53، وابن الوردي: 24. [7] انظر في طول بحر القلزم، ابن خرداذبه: 71. [8] نزهة المشتاق: 111، وقارن باليعقوبي: 340، وياقوت (قلزم) .
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 466